حروف و سطور..!




بين حالات الضعف والقوة .. والخمول والحركة .. تولد مرحلة وسط لا نستطيع إدراكها فإما الخمول التام أو الاحتراق بلا دخان .

عالم السطور .. عالم مختلف في خباياه ..هناك ملايين الكتب ..وهناك الكثير ممن يمتهن السطور ومن يهواها .. ولكن القليل من يقرأ ما بين السطور!!

البعض من البشر قد يقرأ سطر ويمر عليه مرور الكرام ..والبعض يمر على السطر ليلقى السلام..والبعض يتوقف ليرى السطر من كل زواياه .. والبعض يشاهد كل هؤلاء !!

عالم الإنسان عالم غريب وذلك ليس بجديد .. ولكن الأروع هو تواجد عوالم الحيوان والطيور والنبات لترى الجميل حينما تمتلئ عيناك بالقبيح وترى الخير حينما يعم الشر .

حياتنا سطور ولكن مختلفة الزوايا فليس الجميع كالخط المستقيم وليس الجميع يكتب بنفس الاتجاه فنجد من يسير على نهج بداية اليمين ومن هو متبع اليسار ومنهم من قلب الورقة ليبدأ من أسفلها إلى أعلاها .


بداية الألبوام - صور من حياتنا


سيدتي المخلصة حاولت البقاء وقمت بكافة الحروب من أجل إيقاف هطول الأمطار وسافرت إلى بلاد ما وراء النهر وتركت أغراضي هناك وتجردت من كل ذكرياتي وما يذكرني بكلمة حنين ولكن سيدتي هل لنا أن نترك قلوبنا المسكونة بالحنين؟
الأيام وحدها هي التي تمزق الحنين واللوعة، وتخلق مكانهما حجارة يابسة صماء .فالألم لا بد منه، لكن علينا أن نغير من أحرفه قليلاً بعد ذلك، لكي يصير : (أمل)..
وقد قيل : الألم كائن خرافي يمكن له الاختفاء لكنه لا يموت، يُبعث بعثاً، عندها تقوم قيامة الأحداث التي عشتها في ماضيك، و مع ظهور الألم المتجدد يكون فيروسا يحمل مرضين: ألم الماضي، و حِدّة الحاضر.

عندما تصبح فرداً فى عالم كبير يملؤه عوالم أخرى تختلف عنك فتحتاج إلى ان تصبح شخص متعدد الشخصيات ليس بهلوان بالطبع ولكن تملك من الخبرة ما يؤهلك لكى تصبح شخصيات جمة فى قالب واحد وذلك لن يتاح إليك إلا من خلال الخبرة الإنسانية من خلال ما تعيشه وما تعايشه وما يصادفك وما تصادفه فى حياتك وحياة المحيطين بك وما تصل إليه أذنك وما تراه عينك فكل منا لا يعيش فى باب مغلق على حياته ومسجل عليه ممنوع الدخول بل جميعنا نعيش فى غرف جميعها بدون أبواب لا تستطيع ان تعزل نفسك بحائط من خشب لان العزلة فى حد ذاتها تضغط على العقل من أجل التفكير فى كل شىء وتبدأ الهموم فى التزاحم والمشاكل فى التفاقم والحلول فى التضاؤل وتتسع الدائرة وتظلم الدنيا فى كل الغرف وتصبح أشبة بسجن فى الصحراء !

لذلك فى أوقات كثيرة نضطر إلى هدم الأبواب تلك ولو كانت من خشب كالورق حتى نندمج فى هموم الآخرين وعلى أثره نعلم ان ما نعانيه لا شىء فى ظل بحار الآخرين ونعلم إننا ننظر إلى الحياة من خارج غلافها وإننا لم نعيش شيئاً.

لابد لي أن اعترف اننى حينما أكتب صور من حياتنا لم أتعمد أن أروى فيها حكايات أشخاص بعينهم في قالب درامي ، لكن حينما يجلس الإنسان إلى قلمه وأوراقه ليكتب فإنه يستدعى بغير وعى منه كل ما ترسب في أعماقه على مر السنين من مشاهداته في الحياة وذكرياته الشخصية وذكريات من عرفهم على مر السنين وما عايشه أو اقترب منه من تجارب الآخرين فيسيل قلمه على الورق مختلطاُ بكل ذلك ومضافاُ إليه خواطره وأفكاره ورؤيته الشخصية للحياة .

قال جوهان جوته : كل الأفكار الحكيمة تم التفكير فيها آلاف المرات ولكن لنجعلها أفكارنا نحن علينا أن نفكر فيها مرة أخرى بصدق حتى تتغلل جذورها فى أعماق تجاربنا .


صخور الآخرين


معظم مشاكلنا في التعامل مع الآخرين تأتى في خطأ في تفكيرنا نحن لا في تفكيرهم هم. فنحن نفكر في الناس دائماً كما لو كانوا مثلنا تماماً متطابقين معنا في كل الصفات النفسية والأخلاقية وبالتالي فإننا ننتظر منهم أن يتصرفوا معنا كما لو كانوا نحن وكنا هم.. فإذا جاء ما ننتظره منهم أقل مما نتوقعه صدمنا فيهم وتغيرت مشاعرنا تجاههم وخسرنا صفاء نفوسنا .. وربما خسرنا صداقتهم وتكرر هذا الخطأ دائماً مع إن كل إنسان هو وحدة قائمة بذاتها، لهذا فلابد أن تختلف ردود أفعالة إلى حد ما عن ردود أفعال الآخرين .. ومالم نعرف ذلك ونوطن أنفسنا على قبوله عانينا معهم واتهمناهم بالجحود وخسرنا سلامنا النفسي وازداد إحساسنا بالغربة ونحن وسط زحام الآخرين.



أن عالمي النفس ماك بين ورونالد جونسون يؤكدان أنه لا يوجد في الدنيا شخصان متماثلان تماماً في صفاتهم النفسية والجسمانية وأن كل إنسان يعتبر عديم النظير كبصمة إصبعه التي لا تتكرر فإذا عرفنا ذلك وفهمناه استرحنا وعشنا حياتنا بمعاناة أقل . وأفضل سلاح تستعين به على أن تعايش الآخرين في سلام هو أن تؤمن بأنك إنسان مختلف لكنك لست إنساناً متميزاً على الآخرين لان اختلافك عن الآخرين يقنعك باختلافهم عنك ويعينك على فهم تصرفاتهم المختلفة عن تصرفاتك ويساعدك على نقبلها وتلمس الأعذار لهم فيها.. أما إحساسك بالامتياز عنهم فلا يخلق لك سوى الأعداء!




يجب أن نؤمن مع أبى حيان التوحيدي بأن الحقيقة أكبر من أن يدركها عقل واحد .. وانه لو وضع فيل أمام عشرة أشخاص مكفوفين وتحسس كل منهم الجزء الذي يواجهه لقال أحدهم هذا خرطوم وقال الثاني هذا عاج وقال الثالث هذا حائط، وكل منهم صادق لأنه عبر عن الحقيقة كما أحسها هو بمدركاته وبعقلة المحدود. فإذا تفكرت في هذا المثال الذي أورده التوحيدي آمنت بأن كل رأى يحمل جانباً من الحقيقة وإن بدأ مخالفاً تماماً لما نعتقد انه الحق والصواب.. ولتعاملت مع آراء الآخرين بما تستحقه من احترام وبما يستحقونه من إنصاف وتقدير واجتنبت الكثير والكثير من الأخطاء والعثرات . فالحق إن الحياة ملاحة صعبه في نهر تعترضه الصخور والجنادل وكل إنسان يحتاج إلى أن يكون ملاحاً ماهراً ليقود سفينته الصغيرة فيه بحكمة بغير أن تتحطم على صخور الآخرين !




كان عمر بن الخطاب يقول : ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك على ظنك . أي توسم فيه الخير إلى أن يصدمك بشرة . وكان يقول عليك بإخوان الصدق فإنهم زينة فى الرخاء وعدة فى البلاء وكان يقول أيضاً لا تطلبن حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك ..




إني أتذكر دائما عبارة المفكر الفرنسي جان جاك روسو التي قال فيها : كان عندي ست نظريات لتربية الأبناء وليس عندي ولد واحد ، والآن صار عندي ستة أولاد وليس عندي نظرية واحدة لتربيتهم!
فإذا سألتني لماذا أتذكرها أجبتك بأني أنا أيضاً عندي ست نظريات للحياة بسلام مع الآخرين لكن كل أملى هو أن تنجح واحدة منها قبل أن ينتهي العمر!