مفارقات فكرية






أكثر ما يورقني ويفتح أبواب الإرهاق والركود التام إلىّ .. هو التفكير العميق..
قال هنري فورد التفكير من أكثر الأعمال صعوبة ... لذلك فإن القليلين يقومون به .
بغض النظر عن نوعية التفكير إن كان منظماً أم فوضوي ... فإنه في كلاً يعد وقود ذلك العقل ..وكلما كانت الأفكار معقدة ، و تحاول التفكير بشكل منظم، كلما ازدادت حرارة ذلك العقل ..وهنا لابد من إعلان حالة من الطوارئ تستعيد من خلالها المفقود ..وخلال تلك المرحلة يتم فقد الذاكرة كلياً، والابتعاد عن كل ما ينهر ذلك العقل لحثه على الحركة ..ولكن الحقيقة حالة الإرهاق تحتل الجسد بالكامل وتسيطر على العقل وتجعله في حاله من النوم الممغنط لا يقوى على الترجمة مع إعلان حالة من الرفض التام لكل ما يجعله ينهض خلال تلك الفترة.. فذلك ما اعاني منه .


****

في بعض الأوقات يتم القبض على أفكاري بتهمة الغموض، ومن الغريب لا أستطيع تحرير صحيفة الدفاع، فلربما يتم تقيدها أو اختراع قانون لها .. ولكن على كل حال .. نحن في وقت أصبحت العلانية مفضوحة، والحقيقة محبوسة ، والأفكار تكظم غيظها نظرا لقذفها بالغموض .. فإن العقول أصبحت تهوى السهل ولا مجال للتعقيد أو لأفكار تحتاج إلى تفكير فنحن في زمن التنوير وربما التنويم وذلك ما يجعل الجميع في غيبوبة ويتم اتهام الأفكار ولكن دفاعها الوحيد هو الالتباس بين الميم والراء اللذان هما طعم تلك الأيام !!


****

من التناقضات التي نحيا بها هي .. أحاسيسنا التي تسكننا لبعض الوقت ثم سريعاً ، تجاهر بالرحيل معلنةً جبال من علامات الاستفهام يُشكل انحنائها العديد من الآلام .. فقد نشيد مستقبل مزهراً بالياسمين ونرى من أنفسنا قوه استمدت من سلاسل الجبال العالية التي لا يستطيع تسلقها إلا من هم من أصلابها وهنا نتصادم بطبيعتنا البشرية ..وقد نعمر مدناً من الرمال ونعيش بداخلها ونبدأ في رسم أدوار حياتنا إلى إن يتم الانهيار وننظر إلى تلك الرمال لنتذكر قبورنا .. وقد نتخيل بعضاً من المشاعر التي ينشدها الجميع ويلهث وراءها من سأم الحياة ولكن سريعا ما تُخلف تلك المشاعر طرقاً من الأحزان ربما تتخذ من القلب سكنا وتتخذ من العين منبع ..ولكن تلك التناقضات لا عجب فيها ولا غرو فتلك حقيقة الدنيا !!


****

تربطني علاقة وطيدة بين القلم الرصاص منذ الصغر .. فتلك العلاقة لم يكن قوامها عملية التراجع التي تعيد الصفحة إلى سالف عهدها ناصعة البياض باستخدام الممحاة .. ولكن ربما لأنه يساعدني على إعادة ترتيب الأفكار قبل خطها بذلك الحبر الذي لن استطيع التراجع عنه إلا بقطع الورقة .. لذا فهو يعلمني التأني دوماً قبل نزف ذلك الحبر الذي يعد احد أسرارك ، وقد علمتنى الحياة أن سرك من دمك فيجب أن تنظر أين ُتريقه !!


****

تتعدد الأقلام .. وتتعالى الصيحات ... وبين التعدد والتعالي حالات من الميلاد والوفاة للعديد من الأفكار... وفى الأخير يتم الإلقاء خلف القضبان ... ويظل السؤال لما تطلبون منا في المدرسة أن نسطر موضوع تعبير ، وتحفرون طريق في عقولنا تربته حرية التعبير !! والغريب أن يتم تعليمنا في الصغر ليتم أخرسنا في الكبر !!

****

عذراً ..هل أتى الربيع ؟ ولكن لا أرى أي دليل ، أتقصدون بالربيع ولادة الأزهار وتفتحها على زمان بني الإنسان .. أم تقصدون ربيع الأفكار وإزهار عصر جديد بأريجه الفعال !!


****

عندما أسير في الطريق .. أحاول بين الفينة والفينة أغمض عيني .. ليس لأنني أعانى من تعب في عيني .. ولكن خوفاً عليها من التعب نظراً لتشويش الألوان وامتزاج الأجناس ، فدوماً أشك في عيني ، واتهمها بالعمى ، عندما تجادلني عن نوعيه من يسير ون ! و هل أسير في الطريق أم مدينة الملاهي !!

****

من الفيروسات التي أصيبت بها البشرية منذ القدم ولم يتم اكتشاف مصل لها.. هي محاولة إرضاء الكافة مع بعض بهارات النفاق.. وإعطاء صدارة الترقيم للبشر ....والتغافل عن رب البشرية ...ويظل الفيرس يأكل في الأجساد إلى أن يتم طرحها على الفراش وهنا يبدأ في التذكرة !! فتلك الطبيعة البشرية المتناقضة !!

****



8 التعليقـــــــــــــــات:

د. ياسر عمر عبد الفتاح يقول...

أولاً حمد الله علي السلامة بعد الغياب البسيط ده
ثانياً هذا المقال من أول إسمه المفعم بالمعاني حتي نهايته من أروع ما قرأت من مقالات في الفترة السابقة
لكن المفارقات لا تكون في الفكر فقط فطبيعة النفس البشرية كلها تناقضات ومفارقات وتأبي تلك الخطوط الستقيمة وترفض في تعنت الطرق النمطية.

ثالثاً أسف علي إتهامي لك بالغموض في بعض مقالاتك
وأنا والحمد لله أفهما وأفضل هذا النوع من الكتابات الهادئة والرزينة والتي تخاطب ما وراء الصورة وتهتف علي ما وراء العين , ولكن كان قصدي أن تكتبي كلا النوعين , وأن توجهي بعض وقتك وجهدك ل(الغلابة) فكرياً
وده حصل في كذا مقالة قرأتها هنا

أسف علي الإطالة

Soul.o0o.Whisper يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


الغالية نور

صح عندك حق فى انك ممكن تكونى عاوزة تعبرى عن نفسك بطريقة معينة
بس للأسف ممكن ما توصلش للناس

للأسف أنا بردوا فضلت فترة بأعانى من الموضوع دا

فقررت إنى هأحتفظ بالطريقة اللى عاوزاها لخواطرى و قصصى

و اتكلم فى المواضيع اللغة اللى توصل للناس
و لعلك لاحظتى ..

فيا حبيبتى العيب ليس فيكى ،و لا فى الناس
لكن نحاول جميعا أن نصل إلى نقطة تلاقى


...................

أما بالنسبة للجزء الاخير من بوستك من حيث الحجر على الافكار
و محاولة تكذيب النفس

فحتما توجد طريقة ما يعبر الانسان بها عن نفسه

اما ان نحاول الهروب و اتهام النفس فقط
دون محاولة الاصلاح
فتماما كما تدفن النعامة رأسها فى الرمال



دمتى بكل الخير و الود يا جميل
و مش تزعلى نفسك

د/عرفه يقول...

السلام عليكم
ما شاء الله دايما مواضيعك قوية اللغة

أولا التفكير فعلا مجهد وكتير ببحتاج ان احنا ناخد اجازة من التفكير بس بيكون صعب اوى اكيد الواحد لازم بيلاقى شىء بيفكر فيه
ولذا اصبح من المعتاد ان يلجأ العقل للإستسهال


بالنسبة لفيروس النفاق
انا معاكِ فى كلامك
ومتفق معاكِ


بس مقال قوى فعلا
احييك عليه

قلم رصاص يقول...

السلام عليكم

المقال يبدو عميقا فكرته الى الدرجة التي يخيل لي اني لن أستطيع فهمه او الاستمتماع بفهمه الا بعدما أفرغ من استعدادي لامتحانات الدبلوم
لأني منغمر حتى الحلق في الكتب

ان شاء الله لنا رجعة اخرى بإمعان للقراءة عندكم

اتمنى لحضرتك التوفيق

وحمدلله على السلامة

في حفظ الله

تامر علي يقول...

خواطر عميقة جداً تنم عن فكر راق ... تغلب عليها المصطلحات القانونية والقضائية :)

تحياتي لأسلوبك الفريد :)

صدى الصمت - عاشقة الورد - يقول...

والله يا نور إنتى أثرتى نقاط هامة جداً وكثيرة وكانت محتاجة أكثر من أربع بوستات عشان نستفيد بيها ونستفيض فى التعليق عليها
الفرق بين القلم الرصاص وذلك الحبر الذي لن استطيع التراجع عنه إلا بقطع الورقة
تعبير رائع وبه دلالة لكل قرارات حياتنا والتأنى قبل إتخاذها لأننا قد لا نستطيع التراجع عنها بعد ذلك
--------------
لماذا تطلبون منا في المدرسة أن نسطر موضوع تعبير ، وتحفرون في عقولنا طريق تربته حرية التعبير !! والغريب أن يتم تعليمنا في الصغر ليتم أخرسنا في الكبر !!
سؤال رائع يفرض نفسة
-------------
عذراً ..هل أتى الربيع ؟
بالفعل لم نشعر بالربيع منذ سنوات وليس حالياً فقط
------------
تشويش الألوان وامتزاج الأجناس
بالفعل أصبح الشارع كالملاهى فى ملابس الشباب والبنات ولم يعد يوجد مقياس أو قواعد لأى شىء
------------
أحييكِ بشدة على هذا الموضوع الأكثر من رائع


عاشقة الورد

فارس عبدالفتاح يقول...

لك كل الحرية في كل ما تقوليه او تعتقدي فيه وعليك ايضا كما قلت الالتزام بالحق والبحث عن الحقيقة وهذا امر جميل وانا ايضا ابحث عنه


لكن هناك نقطة احب وان اوضحها وهي التعددية ولكن قبل ان اوضحها فاني اقول انني اكره التعالي ولا احب المتعالي حتى ولو كان صاحبها يملك الحقيقة وصاحب حق

نُقر له بالحق الذي يملكه ونحاول ان نغير الحقيقة للتتماشى مع الحق فهناك فرق بين الحق والحقيقة

اما التعددية فهي بالنسبة لى فكر معادي

وهنا اوضح

نتفق على المشروع و الفكرة وعلى استراتيجية الهدف .. وقد نتختلف على آلية التنفيذ والتكتيك وقد تستجد اشياء لم نعمل لها حساب ونختلف في التصدي لها .

لكن الهدف والغاية باقية ولابد ان تبقى حتى لا يضيع المشروع او الفكرة

اغير اتجاهي لكن يكون الهدف ثابت امام عيني

اما ان نحتلف على المشروع ونحن مصيرنا واحد فانت بالنسبى لي معادي

۩ Nour ۩ يقول...

أ/فارس عبد الفتاح..
قبل الخوض فى التعددية اتفق معك فيما ذكرته" انني اكره التعالي ولا احب المتعالي حتى ولو كان صاحبها يملك الحقيقة وصاحب حق

نُقر له بالحق الذي يملكه ونحاول ان نغير الحقيقة لتتماشى مع الحق فهناك فرق بين الحق والحقيقة "واتفق فى الاقرار و تواجد الفرق ..
أما بالنسبة للتعددية من خلال الايضاح..فإنه
يتم الاختلاف فى الوسيلة وهو امر مقبول من خلال ما يتم طرحه من اراء وافكار ولكن يحدها الايطار العام " المشروع"..أما الاختلاف فى الاهداف التى هى الاساس أو نقظه الانطلاق التى يجب الاتفاق عليها لا تقبل التعددية ..
ولكن تعتقد ان العداء الفكرى يتجاوز لنطاق الشخصيات ؟
فمن خلال التعددية الجواب لا يقبل النفى .