القانــون القاتــــل ؟!





تعد القوانين تلك النصوص الدباجية التي يتم اختراعها من قبل البشر.. ومن الغريب المستنكر من قِبل العقل اليقظ ..أن يصدر بشر على أخر حكماً بغض النظر عن تدخل الأهواء أو العلم الكامل بتلك الشخصية..وهنا نجد العقل يردد لابد من صدور الأحكام بعيداً عن الهوى والشبهة أو تواجد بعض فتحات التهوية للدخول والخروج منها ..بالإضافة إلى العلم الكامل بمكنونات النفس البشرية واحتواء تلك التشريعات على ردعاً عادلاً ..
ولكن يتضح أن العيون البشرية قاصرة النظر والعقول رحمها الله.. فمنذ أن تم فتح البوابة الرئيسية للاستيراد إلى أن وصل إلى عود الثقاب فلما لا يتم استيراد القوانين البشرية بغض النظر عن اختلاف المكان والزمان .. وهنا وقفه !!
المادة الأولى فى الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الأول للتشريع .. ولكن الواقع يفضح حاله ونجد أبواب الاستيراد وهنا لا يتم الاحتجاج بتغير الزمان ولا المكان ولا حتى الهواء..
وبعيداً عن جنون العقل من علامات الاستفهام الصارخة هنا ..
نغوص إلى روح القانون البشرى وعدالته الواهية ومدى ردعه الذي يرتجف منه الجنين !!
في الفترة الماضية تُوفى كريم ومحمد –رحمهما الله – كلاً منهما في حادث سيارة ولنسرد قليلا من الأحداث..
كريم طالب في الفرقة الأولي بكلية الحقوق ‏,‏ رياضي حاصل علي شهادات تفوق رياضي وفي الحاسب الآلي‏,‏ وأمل والده الضابط بالقوات المسلحة‏,‏ وأمه المدرسة مربية الأجيال‏,‏ في يوم الجمعة الموافق‏6‏ فبراير الماضي في أجازة نصف العام اتجه كريم ـ بعد أن صلي الفجر في الجامع المجاور للسكن وتوكل علي الله ـ إلي النادي‏(‏ نادي اسكو بشبرا‏)
وأثناء عبوره الشارع في تمام الساعة السابعة صباحا صدمته سيارة ميكروباص بسرعة شديدة وفر قائدها هاربا وسلم نفسه بعد سبع ساعات بعد أن علم أن المصاب مات‏,‏ وأنه لا مفر حيث أرسلت الدورية أن سيارة ميكروباص صدمت المصاب وأدت إلي أصابته بإصابة بالغة في الرأس ونزيف من الأنف والأذن‏,‏ وان المارة أخذوا رقم السيارة وتم نقل المصاب إلي معهد ناصر حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعد ثلاث ساعات‏,‏ وتحررت الجنحة رقم‏2481‏ جنح الساحل وضاع كريم أمل الأسرة‏.‏

أما
محمد فحكايته طويلة على لسان والدته ولكن تتلخص أجزائها في " محمد التحق بكلية الحقوق جامعة المنوفية برغم وجود أعمامه وأخواله‏,‏ وأنا أعيش مع زوجي وطفلتي بالمنصورة‏,‏ فلما تعثر زوجي ماديا وشعر بذلك محمد‏,‏ ولأنه لا يتحمل فراقي طلب مني ألا يكمل تعليمه وأن يعمل كي يعول نفسه برغم معارضة زوجي ومعارضتي‏,‏ بكي محمد قائلا انه كبر وأصبح رجلا ولا سند له في الدنيا‏..‏ المهم يا سيدي عمل بشركة مرموقة فكان محبوبا من الجميع وانتقلنا جميعا للعيش بالقاهرة‏,‏ وتعين محمد مرة أخري وتعلم الميكانيكا بالشركة التي يعمل بها زوجي مهندس ميكانيكا وأنجبت طفلا آخر عمره اليوم‏4‏ سنوات‏,‏ وسافر زوجي للعمل بالسعودية ووفرت الشركة فرصة سفر لمحمد‏,‏ وفي أثناء تجهيز جواز السفر والأوراق المطلوبة جاءني فرحا قائلا انه رأي بنتا جميلة ومؤدبة ومدرسة أخيه الصغير بالحضانة‏,‏ وأن قلبه أخذ يدق دقا شديدا حين رآها وطلب مني أن أخطبها له‏..‏ المهم يا سيدي ولا داعي لتفاصيل أنوء بحملها وحدي تمت خطبته يوم‏2008/12/20‏ عاش وعشت معه أجمل وآخر لحظات حياته‏,‏ وفي يوم‏2008/12/31‏ عاد من عمله في الخامسة وقال انه قبض راتبه وانه سيذهب لسداد دين له وكذلك سداد قسط الموتوسيكل‏..‏ قلت له اجلها للغد أو يوم الجمعة فقال وسأشهد له عند ربه لن أبيت وعلي دين‏..‏ وهكذا ياسيدي ذهب محمد لسداد ديونه وصلة رحمه‏,‏ وفي تمام الساعة التاسعة مساء وكان يوم عيد رأس السنة الميلادية اتصلت به علي الموبايل وطلبت منه إحضار اللبن لإخوته‏,‏ فقال حاضر ياماما سأرن عليك وأنا تحت البيت قبل ما اطلع‏,..‏ وغفوت غفوة صغيرة فزعت علي صرخة ماااااماااااه فوجدتني كنت احلم والساعة العاشرة والربع مساء استعذت بالله من الشيطان الرجيم ونمت لدقائق وسمعت رنات الموبايل رقم محمد وصورته فقلت في عفوية وأنا بين الصحوة والمنام‏..‏ ايوه ياحبيبي فرد علي صوت غريب قائلا إن محمد عمل حادث علي كوبري‏6‏ أكتوبر‏...كان ابني يسير في طريقه حتي جاءت سيارة طائشة "لشاب مستهتر عمره 18 عاماً كان في صحبة اثنين من أصدقائه وكانوا في حالة سكر لأسباب لم تثبت في محضر الشرطة " علي سرعة‏180‏ كيلو مترا وطارت في الهواء من الاتجاه المعاكس وأطاحت برأس ابني فطار في الهواء ووقع مسلما الروح في الحال وصدمت سيارة أخري بها موظف وزوجته وحطمتها تحطيما‏..‏ وبات ابني في المشرحة وبات الموظف وزوجته بالمستشفي ...""

تلك دمعتان من بحر ...ولننظر إلى القانون ذلك الذي يدعى حماية البشرية وانه منوط بحماية حياة الإنسان، وإصدار أحكام بشرية رادعة فلننظر إلى الردع ..خدعوك فقالوا قانون... ولكن قل قانون قاتل !!

الحكم الصادر في حادث محمد - حكمت عليه المحكمة بغرامة‏200‏ جنيه‏,‏ وتنصل والد الجاني من دفع الدية الشرعية ، قائلا إن ابنه لم يأخذ حكما وان صهره يعمل مأمور قسم اخبطي رأسك في الحيطة ‏!‏
الحكم الصادر فى حادث كريم - صدر الحكم بتاريخ‏2009/4/8,‏ تم الحكم علي المتهم بخمسمائة جنيه غرامة و‏2001‏ علي سبيل التعويض‏!!
فعلى اى أساس صدر ذلك الحكم الغاشم ...
من خلال كتاب كليه الحقوق – شرح قانون العقوبات القسم الخاص- في عقوبة القتل غير العمد نصت المادة 238 من قانون العقوبات " من تسبب خطاً في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاة القوانين واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز المائتى جنية او بإحدى هاتين العقوبتين "
وهنا يتضح مدى المرونة وجعل السلطة مطلقة للقاضي في النزول بالحد الأدنى للعقوبة ...وذلك ما تم الاستناد عليه في حكم كريم.. والتناقض الغريب إن الغرامة لاتتجاوز المائتى جنيه وتم الحكم بخمسمائة" كثر خيرهم صراحة"
أما في حاله محمد فهناك ظرف مشدد للعقوبة القتل غير العمد"تعاطي المسكر أو المخدر"وأيضاً تواجد شخصين في حالة يرثى لها وربما على حافة الموت..
فينص قانون العقوبات مادة238 "الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنين وغرامة مائة جنية ولا تجاوز خمسمائة جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني اخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكاب الخطأ الذي نجم عن الحادث......وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنه ولا تزيد عن سبع سنوات إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، وإذا توافر ظرف أخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن عشر سنين "
فذلك القانون الذي يناشدون بتطبيقه ..ولكن من خلال القراءة العادية يتبين أن التطبيق في حالة احتضار.. وتحكمنا الأهواء والثغرات والرشوة والتدليس ..
وأصبح القانون الحالي ..كل شخص يسير بسرعة 180 كيلو متراً ولا يشترط أن ينظر أمامه ، ولا مانع من الأكل والشرب أيا كان حلالا أو حراماً ، وعادى لو قتلت اثنين تلاته الناس كتير والحمد لله ، وفى الأخر ولا يهمك 500 جنيه بالكتير أو 200 وأنت وجيبك ؟!!" رفعت الجلسة..

قيل ... إذا لم تجد المحامى البارع الذي يعرف القانون فابحث عن المحامى الذي يعرف القاضي...
فأين المحكمة.... ؟ حسبنا الله ونعــــم الوكيل..


أما العقاب في الشريعة الإسلامية على القتل الخطأ بعقوبة أصلية وهى الدية الكفارة ، أو التعزير في حالة العفو عن الدية إذا رأى ولى الأمر ذلك محققاً لمصلحة الجماعة ، حتى لا يظل القتل غير العمد دون عقاب إذا عفى أولياء المجنى عليه من الدية..




وفى فقه الإمام الشافعى والإمام أحمد بن حنبل أن القتل الخطأ هو ما صدر من الإنسان بفعل لم يقصده أصلاً، أو قصد دون قصد الشخص المقتول، ويوافق جمهرة فقهاء مذهب الإمام أحمد فقهاء المذهب الشافعى فى هذا التحديد. ولقد شرع الله سبحانه فى الآية الأولى الدية فى القتل الخطأ دون بيان قدرها، وجاءت السنة الشريفة مبينة لها من هذا ما روى أبو بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابًا جاء فيه (أن من اعتبط مؤمنًا قتلاً عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن فى النفس الدية مائة من الإبل إلى أن قال :وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار)..( رواه النسائى ، نيل الأوطار للشوكانى ج 7 ص 57 وسبل السلام للصنعانى ج 3 ص 322، وما بعدها )

ونحن منذ زمن تنصلنا من احكام الشريعة فى قانون العقوبات... ولكن لا أعرف كيف ينام هؤلاء الجناة؟‏..‏ كيف ينام قاتل محمد‏ وقاتل كريم وآلاف غيرهم ممن يستهترون بأروح البشر ويجعلونهم ذباب يتم وطأه بالاقدام
وكيف رفض والد المتهم أن يطهر نفسه وابنه بدفع دية القتل الخطأ لوالدة محمد ؟
لا أعرف كيف ننام جميعا‏,‏ من وضع هذا القانون ومن صمت عليه؟ أليس هذا واجب أعضاء مجلس الشعب‏,‏ فأين المشرح " المشرع" !!
أليس و اجبهم أن يطالبوا بتعديل القانون وتشديد عقوبة القتل الخطأ‏,‏ خاصة إذا اقترنت بالسكر أو التجاوز في السرعة أو غيرها من المخالفات؟
ويظل السؤال .. وتظل علامات الاستفهام تقبع فى الصحراء ؟!



زاد الطريق





إن أثمن ما نمتلكه أوقاتنا فهي أعمارنا ..
وأجسادنا هي ناقتنا التي نسير بها .. وأرواحنا هي نبض أجسادنا وطاقتنا النورانية ... وقلوبنا تلك المضغة التى بصلاحها يصلح الجسد كله ..

وخلال سيرنا بتلك الأجساد نحتاج إلى زاد يساعدنا على مواصلة تلك الرحلة ...
وخلال الرحلة تجتاحنا أعاصير الحياة وتهب علينا بعض الرياح تعرقل حركة السير ... ونحتاج في لحظات الضعف إلى من نلتحم به لشحذ الهمم ولتصير القوة واحده ...
وتلك القوة تكمن فيما نقرأه من منابع المعرفة لصلاح دنيانا ولتعمير أخرنا ...
ولذلك سنضع سويا بعض من الزاد الذي يعكس اتجاه تلك الرياح لنواصل السير ...من خلال كل ما يعد زاداً من أضاءت للسير على الطريق أو ربت على الأكتاف لمزيد من المساندة .. أو سرداً لتلك الإحداث التي ستعكر صفو مسيرتنا ..

... مع أول الزاد من خلال قرأتنا المختلفة ...


﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾


من الذي يفْزعُ إليه المكروبُ ، ويستغيثُ به المنكوبً ، وتصمدُ إليه الكائناتُ ، وتسألهُ المخلوقاتُ ، وتلهجُ بذكِرِه الألسُنُ وتُؤَلِّهُهُ القلوب ؟ إنه اللهُ لا إله إلاَّ هو.
وحقٌ عليَّ وعليك أن ندعوهُ في الشدةِ والرَّخاءِ والسَّراءِ والضَّراءِ ، ونفزعُ إليه في المُلِمَّاتِ ونتوسّلُ إليه في الكرباتِ وننطرحُ على عتباتِ بابهِ سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مددُهْ ويصِلُ عوْنُه ، ويُسْرعٌ فرجُهُ ويَحُلَّ فتْحُهُ ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ فينجي الغريق ويردُّ الغائب ويعافي المبتلي وينصرُ المظلوم ويهْدِي الضالَّ ويشفي المريض ويفرّجُ عن المكروبِ ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
ولن أسْرُد عليك هنا أدعية إزاحةِ الهمِ والغمِ والحزنِ والكربِ ، ولكن أُحيلُك إلى كُتُبِ السُّنَّةِ لتتعلم شريف الخطابِ معه ؛ فتناجيهِ وتناديهِ وتدعوهُ وترجوه، فإن وجدْتهُ وجدْت كلَّ شيءٍ ، وإن فقدت الإيمان به فقدت كلَّ شيء ، إن دعاءك ربَّك عبادةٌ أخرى ، وطاعةٌ عظمى ثانيةٌ فوق حصولِ المطلوبِ ، وإن عبداً يجيدُ فنَّ الدعاءِ حريٌّ أن لا يهتمَّ ولا يغتمَّ ولا يقلق كل الحبال تتصرّم إلاَّ حبلُه كلُّ الأبوابِ توصدُ إلاَّ بابهُ وهو قريبٌ سميعٌ مجيبٌ ، يجيب المضطرَّ إذا دعاه يأمُرُك- وأنت الفقيرُ الضعيفُ المحتاجُ ، وهو الغنيُّ القويُّ الواحدُ الماجدُ - بأن تدعوه
﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ إذا نزلتْ بك النوازلُ ، وألَمَََََّتْ بك الخطوبُ فالْهجْ بذكرِهِ ، واهتفْ باسمِهِ ، واطلبْ مددهُ واسألْه فتْحهُ ونصْرَهُ ، مرِّغِ الجبين لتقديسِ اسمِهِ ، لتحصل على تاج الحريَّةِ ، وأرغم الأنْف في طين عبوديتِهِ لتحوز وِسام النجاةِ ، مدَّ يديْك ، ارفع كفَّيْكَ ، أطلقْ لسانك ، أكثرْ من طلبِهِ ، بالغْ في سؤالِهِ ، ألحَّ عليه ، الزمْ بابهُ ، انتظرْ لُطْفُه ، ترقبْ فتْحهُ ، أشْدُ باسمِهِ ، أحسنْ ظنَّك فيه ، انقطعْ إليه ، تبتَّلْ إليه تبتيلاً حتى تسعد وتُفْلِحَ .


يــا الله
 



(يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ : إذا اضطرب البحرُ ، وهاج الموجُ ، وهبَّتِ الريحُ ،
نادى أصحابُ السفينةِ : يا الله. 
إذا ضلَّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن الطريقِ ، وحارتِ القافلةُ في السيرِ ، نادوا : يا الله. 
إذا وقعت المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ وجثمتِ الكارثةُ ، نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله. 
إذا أُوصدتِ الأبوابُ أمام الطالبين ، وأُسدِلتِ الستورُ في وجوهِ السائلين ، صاحوا : يا الله . 
إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبُلُ وانتهتِ الآمالُ وتقطَّعتِ الحبالُ ، نادوا : يا الله. 
إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ: يا الله. 
إليه يصعدُ الكلِمُ الطيبُ ، والدعاءُ الخالصُ ، والهاتفُ الصَّادقُ ، والدَّمعُ البريءُ ، والتفجُّع الوالِهُ . 
إليه تُمدُّ الأكُفُّ في الأسْحارِ ، والأيادي في الحاجات ، والأعينُ في الملمَّاتِ ، والأسئلةُ في الحوادث. 
باسمهِ تشدو الألسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكرهِ تطمئنُّ القلوبُ وتسكنُ الأرواحُ ، وتهدأُ المشاعر وتبردُ الأعصابُ ، ويثوبُ الرُّشْدُ ، ويستقرُّ اليقينُ، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾ 
الله : أحسنُ الأسماءِ وأجملُ الحروفِ ، وأصدقُ العباراتِ ، وأثمنُ الكلماتِ، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
اللهُ : فإذا الغنى والبقاءُ ، والقوةُ والنُّصرةُ ، والعزُّ والقدرةُ والحِكْمَةُ ، ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ .
الله : فإذا اللطفُ والعنايةُ ، والغوْثُ والمددُ ، والوُدُّ والإحسان ، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ .
الله : ذو الجلالِ والعظمةِ ، والهيبةِ والجبروتِ. 
اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ، وجزاء الحزنِ سروراً ، وعند الخوفِ أمنْاً. اللهم أبردْ لاعِج القلبِ بثلجِ اليقينِ ،
وأطفئْ جمْر الأرواحِ بماءِ الإيمانِ . 
يا ربُّ ، ألق على العيونِ السَّاهرةِ نُعاساً أمنةً منك ، وعلى النفوسِ المضْطربةِ سكينة ، وأثبْها فتحاً قريباً. يا ربُّ اهدِ حيارى البصائرْ إلى نورِكْ ، وضُلاَّل المناهجِ إلى صراطكْ ، والزائغين عن السبيل إلى هداك . 
اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور ، وأزهقْ باطل الضَّمائرِ بفيْلقٍ من الحقِّ ، وردَّ كيد الشيطانِ بمددٍ من جنودِ عوْنِك مُسوِّمين. 
اللهم أذهبْ عنَّا الحزن ، وأزلْ عنا الهمَّ ، واطردْ من نفوسنِا القلق. 
نعوذُ بك من الخوْفِ إلا منْك ، والركونِ إلا إليك ، والتوكلِ إلا عليك ، والسؤالِ إلا منك ، والاستعانِة إلا بك ، أنت وليُّنا ، نعم المولى ونعم النصير. ..آمـــــين

يتبع..

الدعاء من كتاب لا تحزن..د/عائض القرنى

حوار مع صديق جاهل






قال: في أي زمان تمنيت أن تعيش ؟
قلت : زمان بلا قهر وعصر بلا سجان..
زمان يحترم الضمائر ولا يتوج الصغائر..
زمان يقدس فيه العقل ولا يمتهن الوجدان.
زمان تنبت فيه الزهور ولا تعبث فيه الافاعى.
هذا هو الزمان الذي أتمنى أن أعيش فيه..
قال : ولكن أي الازمنه كانت بدون قهر .. واى العصور كانت بلا سجان .. في كل الازمنه سادت الصغائر على الضمائر.. وامتهن العقل والوجدان.. إن ما تطلبه في خيالات الشعراء..
قلت : في تاريخ الإنسانية لحظات نقاء كثيرة ، ولمحات ضوء وفترات من السمو الانسانى يمكن أن نتوقف عندها..
قال : ذكرني إذا كنت قد نسيت.
قلت: انظر إلى عصر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم_ وحاول أن تسترجع رحمته.. وبساطته ورجولته وكرمه .سترى به نموذجاً إنسانياً متكاملاً في العقل والسلوك والوجدان..
أنظر إلى صحابته .. عدالة عمر .. ورجولة خالد.. ورحابة أبى بكر.. وترفع على..كانوا عظماء في كل شيء..
قال : ولكن ذلك زمان بعيد.. لقد كان الرسول معصوماً . وكان صحابته- رضوان الله عليهم- أئمة للناس..هذا عصر لاقياس عليه.
قلت: انظر يا صديقي إلى عمر بن عبد العزيز وقد جاء بعد هؤلاء جميعاً، هذا الشاب الصغير الذي ضرب مثلاً في الزهد والعفاف والعدالة، لم يكن حاكماً عادلاً فقط. ولكنه كان إنساناً عظيماً بكل المقاييس.
قال : وانظر إلى الحجاج مثلاً.
قلت : سيبقى لكل زمان " حجاجوه" .. ولكن الصبح هو الذي يشعرنا بقسوة الظلام .. والبطش هو الذي يشعرنا بسماحة الرحمة، والسجون هي التي تشعرنا بقيمة الحرية.
قال : ولكن تاريخنا فيه جوانب ظلم وظلام كثيرة.
قلت : وفيه نقاط ضوء أكثر..
إذا تذكرت بطش الحجاج ، فتذكر عدالة عمر بن عبد العزيز . وإذا تذكرت قبح أبى جهل .. فتذكر شهامة خالد..وإذا تذكرت نقائص أبى لهب فتذكر كمال عمر ....
قال : ولكن تاريخ العرب يحتاج إلى مراجعة شاملة .. في الغرب تجد لكل فترة رجالها وأحداثها وقضاياها... ولكن ماذا في تاريخ العرب غير الدماء..؟
قلت لصديقي الجاهل : في تاريخ العرب فترات مجد كثيرة ولكننا ننسى .. تذكر أن خالد بن الوليد اكتسح جيوش الروم والفرس ، وأن عقبة ابن نافع وقف على حدود الاطلنطى .. وإن طارق بن زياد وصل إلى حدود فرنسا .. تذكر يا صديقي ابن رشد والغزالي .. وابن سينا والفارابي والبخاري والشافعي وابن حنبل وأبا حنيفة النعمان وابن خلدون وابن الهيثم.. تذكر صلاح الدين ..هذا النموذج الانسانى الرائع في الصبر والتسامح والقوة، ضع يا صديقي خالد بن الوليد بجوار كل قادة الغرب العسكريين ابتداء من نابليون وروميل ومونتجمرى ستجد أنه يزنهم جميعاً ..وأضف إلى هذا أنه سيف الله المسلول..
ضع يا صديقي ابن رشد والغزالي وابن خلدون أمام هيجل وماركس ..و" كانت" ستجد أنهم أكبر قدراً وأعظم أدواراً..ضع المتنبي والمعرى والجاحظ وحسان وابن أبى ربيعة والبحتري والعقاد وشوقي ومحمد عبده والافغانى وطه حسين والحكيم ونجيب محفوظ ..ستجد أن هؤلاء جميعاً ليسوا أقل من شكسبير وبودلير ودانتى وجيته وفيكتور هوجو وألبير كامى وسارتر وبيرون وشيلى..ضع يا صديقي فنون العمارة بكل أنواعها وطقوسها والفن والطب والفلسفة.. ستجد أن الثقافة العربية كانت أغنى وأعظم.. ولكن الزمان تغير.
قال صديقي: وما الذي تغير فينا ؟
قلت : تغيرت معادن البشر.. تراجع الإيمان .. وتكسرت الصلابة.. وغابت ظلال العدل.. وتقهقرت جيوش الحق، وسقطت الحدائق تحت نيران القهر.. وتاهت العصافير في ظلمات السجون ، وارتفعت قامات الأقزام وهوت قامات الأشجار..
يا صديقي أنا على يقين أننا أمة عظيمة وأننا صناع حضارة وأن الخير فينا إلى يوم القيامة.. ويوم يختفي أشباح السجون، وسراديب المعتقلات، ونعرف ما بين أيدينا من قدرات، سنعود مرة أخرى ونصبح خير أمة أخرجت للناس.
مأساتنا أننا لا نقرأ التاريخ، والشعوب التي لا تعرف تاريخها شعوب فقدت ذاكرتها ولا تستحق أن تعيش..
اقرأ يا صديقي تاريخ أمتك..


"من كتاب عمر من ورق"

الاستقالة !!




ما كنت أعرف والرحيل يشدني .. أنى سأترك أحلامي وأقلامي ومكتبتي وكل من حولي !!

ما كنت أعرف أنى انسج مدناً من الأحلام تهشمت فوق رأسي فأفقدتني ذاكرتي الوهمية وأيقظتني على عالم الواقعية.. مدناً تعلوها الحجارة وتسكن الأسارير وجوه معمريها.. مدناً اتخذت منها أسراب الهموم أعشاشاً لها .. ورغم تتناقض الفصول لا تعلن الرحيل..فماذا أفعل في تلك المدن متحجرة الملامح.؟!.

إن اغتربت في ذاتي فهل ستتركني أحجارها دون أن تتراشقنى بنظراتها معلنه حاله من الهيجان على صمتي !!
فقد عشت منذ مولدي أطارد أحلامي ويطاردني هادموها ، كلما هربت يشقون إلىَّ طريق .. ولكن رغم الألم كان عزائي أن تشرق شموس الأمل لتعلن عن مولد حلم جديد .. كلما ضاقت بى السبل أعلنت حالة من الغليان تصهر صلابة مدن الأحزان ..
ولكن في تلك الأيام افتقد أشعة الشروق ولا أدرى لما المغيب ؟
فحاله الغليان أصهرتني ولم استطع انتظار موعد انطلاق البركان ...!!

فإن أخطاتي الطريق فأخبريني ... وان عاد شروقكِ غروب فلما تطلبين منى الانتظار..تباً لتلك السخافات وتباً لذلك الغليان...فاتركيني .. لا أريد ضوءكِ ولا أريد الانتظار ..فلا تطلبين منى البقاء فما عدت طفلك الصغير ..

فدعيني وشأني .. سأرحل .. وليكن غروبكِ كشروقكِ وليكن صيفكِ كربيعكِ وليكن حطامكِ من دمعكِ...
يكفيني منكِ تلك الأنهار ويكفيني منكِ ذلك الحطام ويكفيني منكِ الكلام المسكن للألم ..الذى بات لا يجدي.. أفلم تعلمي أنه أصبح جزء من دمى .. هيا أفيقي واخبريني عن كل ما تقولين أن هناك مدناً للأحلام وان طفلك الصغير من ضمن عباقرة ذلك الزمان وأضحكيني إلى حد البكاء بتلك الخرافات وقولي وقولي وأطربيني أيتها الكاذبة...
أتدرى لماذا لم انظم فيكِ سطور من قبل؟! لاننى أعلم أن السطور ترفض حرفكِ قبل سطركِ .. ورغم ذلك الغباء أسكنت حروفكِ وسطوركِ بل وغيرت معالم قاموسى لقاموسكِ.. وفى الأخير علمت أنى من طائفة الأغبياء.. نعم.. ولما الضحك يا سيدتي !!... أعترف بالغباء فقد يكون الغباء شرف حينما لا يجدي الذكاء ...فإنه سيورثني عقلاً يسكنه التفكير وعندما أفكر ستؤرقني الأفكار وفى الواقع لا مجال للتطبيق .. أعلمتى ؟ .. متى يكون الغباء شرف يا سيدتي ...

وفى الأخير ... تلك حالة تمرد على سطوركِ التي أدمنتنى إياها عندما تطرق أبوابي مدن الأحزان ... فدعيني فلا أريد شروق أملك ولا حر صيفك ... فتقبلي الاستقالة ولكنها موقعه بدمى ... فما عاد طفلك هنا !!




وراثة الإسلام





ذات يوم سئل طفل صغير عن ما النعم التي تستحق الشكر والحمد فكان رد الطفل: إن الحمد لله إن ربنا هو ربنا !!
هل تدبر أحد منا تلك الجملة الصادرة من فم لا عفواً من قلب الصغير؟ فسنقول بعد التدبر.. نعم والله الحمد لله إن ربنا هو ربنا واحد أحد.. ولكن كيف اهتدى ذلك الصبي إلى ذلك القول.. فإنه بالمقارنة بين ذلك الطفل والعديد من الأطفال في يومنا الحالي.. فيا تُرى ماذا ستكون الإجابة أعلى ذلك النهج أم..؟ وأيا ما كانت الإجابة..!!
فنحن منذ الميلاد لأبوين مسلمين، أول ما يطرق أذننا بعد لحظات الميلاد الأذان والإقامة، وخلال مراحل الطفولة يتولى الأبوان تربيه تلك النبتة النقية التي ما زالت على الفطرة.. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانة"
فالفطرة هي.. دين الحق وفطرة الله التي فطر الناس عليها، وخلال مراحل التربية الأولى تتحدد معالم التفكير أو بالأصح خريطة حياة ذلك الصغير .. فمن خلال تربيه قوامها التوحيد الخالص والجلوس حول مائدة العلم الشرعي لتعلم أحكام الدين تحدث مرحلة انتقاليه من وراثة الدين إلى العلم الكامل واليقين الفائض من نبع الإيمان الذي يحرك الروح والجسد ويبدأ الطريق بتذوق حلاوة ذلك الإيمان.. فالإيمان يزيد وينقص .. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية..
وخلال تلك المرحلة الانتقالية تكون مرحله الولادة الحقيقة المتسلحة بالفطرة التي جبله الله عليها " فطرة موقنة سليمة أن هناك إله ورب خالق يجب التوجه إليه"
فالتوحيد الخالص "هو الإيمان بتوحيد الاولوهية والربوبية والأسماء والصفات"...فقد كان العرب في الجاهلية" المشركين" يعلمون أن هناك رب " توحيد ربوبية" ولكن لم يترسخ لديهم توحيد الاولوهيه فكانت الأصنام تعد الالهه التي يتوجه إليها بالعبودية ولكن عندما تضيق بهم الارض بما رحبت وتعصف بهم الكوارث التى لا تظهر عدم نفع ولا ضر تلك الاصنام فانهم يتذكرون ويتوجهون الى الاله الخالق ولكن سريعا ما تنكص القلوب على عقبيها ،وعند الحديث عن عبادة الاصنام فكانوا يتفوهون أنها طريق لتقربهم إلى الرب.. ولم يكن لديهم الإيمان و التوحيد الكامل أنه إله واحد هو فاطر الكون والأحق بالعبوديته والتوجه إليه... وذلك ما أنبته الإسلام في القلوب ..ونحن جميعاً مسلمين بذلك ومؤمنين به .. ولكن في بعض الأحيان لا تحدث لدينا المرحلة الانتقالية من وراثة الإسلام إلى الإيمان الكامل المستند إلى بصيرة على نور من الله..فنظل في طور الوراثة "(ومن الكلمات السخيف المنتشرة مسلم بالبطاقة)" وتلك مرحله الوراثة بعينها،
ولذلك خاف أمير المؤمنين على الأمة من أن كثيرا منهم سيولد على الإسلام يرثه من والديه وراثة ، فلا يقدروا الدين حق قدره فيجهلوا ويضلوا.."
لذلك يظل من اقتصر على الورثة لا يسال ولا يحاول الانتقال إلى حاله العلم الكامل والاتصاف بالإيمان والالتحاق بطائفة المؤمنين..
فهل تسأل أحد منا ما الفرق بين المسلم والمؤمن ؟
قال تعالى " قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ " [الحجرات:14]
وهل تسأل احدنا وهو يقرأ القرآن عن الترتيب في العديد من الآيات بين المسلمين والمؤمنين
قال تعالى" إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات...."
فالإسلام" المسلم" هو الاستسلام والخضوع لله تعالى " منذ النطق بالشهادة والقيام باركان الإسلام.. هذا المسلم..
أما الإيمان فهو أخص من مقام الإسلام وذلك عند اقترانهم في سورة الحجرات في الآية السابقة ..فالايمان قول وعمل..يشمل قول القلب وهو التصديق وعمل القلب وهى العبادات القلبية كالتوكل على الله ومحبته وخشيته ورجائه وقول اللسان وعمل الجوارح...فإذاً كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً..
كما ورد فى كتاب الإيمان الكبير لشيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله – في أنه قد فرق الرسول عليه الصلاة السلام في حديث جبريل عليه السلام بين مسمى الإسلام ومسمى الإيمان ومسمى الإحسان،، فالدين ثلاث درجات أعلاها الإحسان وأوسطها الإيمان ويليه الإسلام... فكل محسن مؤمن وكل مؤمن مسلم وليس كل مؤمن محسن ولا كل مسلم مؤمناً "..

وتلك الأسئلة والعديد لا تستيقظ إلا لدى أصحاب الفطر التي تحث على التعلم والبحث..فالعلم الشرعي هو علم الروح التي تسكن الأجساد، بخلاف العلم الذي يساعدنا على تنميه مهارتنا واتساع عقولنا لكل ما يدور بالحياة فيعد غذاء للعقل ..ولكن لا نستطيع الاستغناء عنه ولكن من أخطاءنا الكبيرة أننا نهتم بأجسادنا ونتغافل عن غذاء أرواحنا فنجد أروحنا تصرخ داخل أجسادنا نظراً للظلام الذي يسكن الجسد فنظل نتخبط في كل اتجاه ونصاب بحالات من الاختناق والحنق إلى أن نهتدي إلى البصيرة النورانية المشعة داخل الجسد ..
فالقلوب لا تبصر إلا في حاله تواجد العين داخل ذلك القلب وذلك لا يتأتى إلا من خلال العلم على بصيرة من الله.. لذلك حث الإسلام على العلم وتم الترغيب في طلبه وذكر مكانة العلم والعلماء وطالب العلم .. لان بالعلم يحدث المرحلة الانتقالية التي تحرك القلوب وبالتالي تتحرك الأجساد بطريقه تلقائية للقيام بعبادات الجوارح والعبادات القلبية على يقين ..
وعلى عكس الحال فيمن يتصفون بالإسلام في البطاقة .. فتتملكهم أجسادهم في توجيههم وسريعا ما تحدث الانتكاسة بالتكاسل عن العبادات..ونجد بعض من حالات الجهل والضلال المتمثلة بفعل بعض من الأشياء التي يعتقد أنها من الشريعة..
فالقلوب التي تسكنها البصيرة تهتدي إلى الصواب بالفطرة التي جبلها الله عليها ..
قال تعالى"فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "
ولكننا في ظل الحياة الصارخة التي تضع على كاهلنا ألاف الأطنان من الهموم فنظل نلهث في الدنيا محاولين الإمساك بالظل...
لا نلتفت إلى أرواحنا ولا إلى من فى أعناقنا فتدخل ونخرج من الدنيا ونحن لم نتعلم شيء..وربما بقينا وصفاً كما في البطاقة !!


التخلية والتحلية !!





في عصر التخلية من أجل تحليه مزيفة بها خفايا مسرطنة تفتك بجذور مجتمعاتنا ..ليظهر لنا على سفح يومنا المجتمع المعاصر بكل زخارفه ليتم المقارنة بين مجتمعات زمان والوقوف عليها حداداً وفى قلوبنا حريق نريده أن يمتد ليشعل تلك النبتة التي الصقت بالمجتمع المنعوت باسم المجتمع المعاصر...
فالوضع على الساحة يتخذ منحنى متعرج الملامح ذكرت ملامح المنحنى بالإشارة إلى الاتجاه واعتقد أنه لا يجهله عالم و لا ينكره جاهل
وبعيداً عن الوضع الاقتصادي والسياسي نركن قليلاً إلى الاجتماعيات.. ذلك الواقع الذي نبكى على صدره انهاراً لا مصب لها..
ذلك الواقع المُعاش من خلال دهاليز أنشئت حديثاً لنجد تصدعات تم إقحام العديد منا إلى باطنها .. ومن خلال المفارقة الشاسعة بين الهواء المستنشق من خلال سفح الأرض وباطنها نجد أهواء تختلف بشتىء معالمها..ونجد أعاصير تجتاحنا وبالكاد ستقتلعنا ذات يوم بسلبيتنا المفعمة بالعمى ..
إن السكوت عن الأوضاع المبلبلة يزيد اتساع الهوة التي سنضع لها فداءً من البشرية لسد نهمها...

ومن خلال الحديث عن المجتمع ذلك القطاع العريض الذي يحوى في جعبته ألاف القضايا التي لا يستطيع القانون الوضعي السيطرة عليها برغم اختراع القوانين " فالقوانين اختراعات بشرية لا تقل خطراً ولا تعقيداً عن القضية النووية"
نجد قضايا الخلية الأولى.. التي من المفترض هي نسيج المجتمع المكون لطبقاته بغض النظر عن التقسيمات
"( الحقيقة)" فالجميع يعد من أصحاب الطبقة الكادحة...!!
"( قانون التعويم )" وذلك إذا نظرت من فوه الجبل..!!
"( الحقيقة المتأصلة في أذهاننا أو بتصنيفنا)" أما إذا كنت ممكن يسيرون بجوار الجبل فستجد نفسك لا مكان لك فلربما أخطأت الطريق ومكانك في العراء..."( المفترض ذلك لان ما يقارب من 96% صحراء)"..!!
ومن خلال الولوج في سراديب المجتمع نجد الشعارات البراقة التي لا يضاهيها ماس مقلد..فتطرق أذاننا كلمات لنجد المطارق تقف فوق رؤوسنا تطلب فتح الأبواب لشن هجوم التفكير...فنجد قضايا تقسمنا إن لم تكن تفتفت أجزاءنا...
ومن أخطرها الكيان الأسرى وما طرأ عليه من تحليه مزيفة ... فتم التخلية عن كل شيء وبدأ عصر التحلية التي بمذاق الحنظل... فنجد غياب وان وجد معنى أكثر دلالة فليكن نظراً لافتقار كلمة الغياب لبعض الديناميكية.. وخط ما يحلو لك غياب في كل شيء ...ولكن للأسف في نهاية المطاف لا نجد الفصل كما يحدث في نظام التعليم المبهر...
وماذا ينتظر مجتمع يغيب عنه كيانه...تلك نتيجة...وان لم نتحمل عواقبها نظراً لولاة الأمر.."؟"
ونطرق على باب...عذراً أخطأت التعبير فلا توجد ألان أبواب .. بل مصطلح للواسطة.فان كان فلتطرق الباب...وان كنت ممكن يسكنون العراء فلتترجل قليلاً فلن يكون هناك باب ولا أبواب نظراً لوجودك في الصحراء...
ولمزيد من التحلية..نجد أصناف بشرية ينتمون إلينا من بني جلدتنا ولكن شتان ...بين هذا وذاك..
ولمزيد من ضبط الضغط البشرى .. أن من يعطيك بيده اليمنى.. ما يلبث إلا دقائق ليدب النبض إليك ليعود مسرعاً ليأخذ بكلتا يداه !!

أوضاع تحفر علامات استفهام لا حصر لها كمن يعد قطرات الماء في بحر يعج بالأمواج ... وكله تحت المسمى المعكوس المطبق فى مجتمعنا الحالى.. التخلية من أجل التحلية المخلوطة التى يعج بها المجتمع !!



التاج .. والتحقيق .. والبراءة ..!!



في بداية عهدي القريب بالمدونات. وجدت علامة استفهام داخلي عن معنى لفظ التاج في المدونات... فلم أجده إلا بعض من الأسئلة التي تندرج تحت طائفة التحقيق وإنما على سبيل المزاح..وان كان يحتوى على معرفه لشخصية القابع خلف القلم من خلال بعض الأسئلة الخفيفة...

وفى حاله توجيه التاج سواء بطريقه مباشرة " سول جعلته من قبيل الواجب"أم غير مباشرة."لكل من يمر من هنا".. فالجميع ينتظر ما يأتي خلف علامات الاستفهام ..وأياً ما كان فلابد من الجواب...

الاسم نور...العمر ينقسم إلى جزئين هو ما عايشته وما عيشته...فما عايشته هو ما تفرضه علينا الحياة من مراحل إلزامية كان نقضى ما يقارب العشرين أو يزيد خلال مراحل تعليمية.. وما عيشته هي تلك المرحلة التي لم تبدا بعد.. عندما نبدأ في رسم حياتنا بعيداً عن تلك الدوائر الإلزامية التي لم تنتهي بعد...فالعمر هو ما عيشته فذاك العمر الحقيقي أما ما عاشك فهو تأرجحك في الحياة ...

مجال دراستى ...كليه الحقوق جامعة الاسكندرية...


اسم المدونة...كان فى البداية شخابيط قلم ..وذلك لاننى دوماً أحب الشخبطة قبل الكتابة أو حتى المذاكرة او خلال تفكيرى فى أمر ما او حيرتى ...فقبل الكتابة اجمع من شخابيط قلمى افكارى وفى بعض الاوقات تقودنى تلك الشخابيط الى كلمات لا أدرى لها أساس لكتابتها كما لدى فى العديد من الاوراق...او فى بعض الاحيان..تنتج كلمات كتعبير عن اوضاع بكلمات تحويها غموض كما حدث فى موضوع "علامه استفهام"،، ...

ولكن وجدت أن قلمى أجدر أن يكون له حياة "حياة قلم"كما أرادها فى عالم الصحافة التى لم تولد فرصته بها بعد..فأردت له الحياة على تلك المدونة بغضبه وبفرحه بهدوءه أو جنونة وبكافة فصوله ومختلف ألوانه....إلى أن يأذن موعد الرحيل بانقضاء الآجل..أوفى حاله ترتيب الاولويات..وأيضاًعندما تجف محبرتى وتطوى أوراقى ويضًّن علىّ قاموس التعبير..وهنا يعد موت قلم..


الصورة الرمزية...لمست بداخلى براءة الاطفال المفقودة ..والنظرات الشاردة التى تحوى الاف السطور ..والصمت المطبق الذى عاد يسكننا..وللمزج الخاص بى بالاضافه لتلك الجمل... انتظار الاحلام التى تنبت فى ذلك العالم ولم تهبط بعد على ارض الواقع وتلك لها اقصوصه ربما يأتى وقت لسردها"..


هل فكرتِ فى اغلاق المدونة والسبب؟

فى البداية...انضم الى الذين لديهم مرض البدء فى الشىء والتقهقر سريعاً ومحاوله اغلاق كافه حالات البدء ...وما البث أن ابدا شىء حتى انهيه...وذلك ما اعانيه واحاول التغلب عليه....ولكن الى الآن فى حاله حرب واعتقد انها حالات مبشره فى المكافحه..


رد الفعل فى حاله تجاوز الحدود ...ان التجاوز فى محاولة فهم الافكار فليس تجاوز ا ما فى حالات التطاول الغير مبرر على الشخص فلا أجد الا الصمت"فان الصمت فن ... وقليل من يفهمه ويتقنه..


أسوء مدونة؟

هى تلك التى تدعوا الى التعلم ولكن عكس اتجاه السهم...
والى الاساءة الى ما يمس الاديان من قريب او بالتلميح..



الايميل بعد موتى؟ ادعوا الله ان يشهد لى بالخير ولا يكون عبء على اكتافى


..

الباسورد ليس سر حربياً... فالمدونة ليست شخصية وإن كان يرادونى فى الفتره الاخيره أن يكون لى مدونة شخصية اسرد فيها حياتى وتفكيرى وما اثر فى تفكيرى وكان له بالغ الاثر فى بلورت عقلى او افكارى خلال دراستى المختلفه وعلاقتى بالكتب واحلامى التى انبتها على ارض الواقع وثمرتها


...

السفر ...كالهجرة ..حياة مختلفه فى كل شىء احلم به احيانا ولكن ليس على ارض الواقع...


حالتى المزاجية....ما يقال من خلال اقرب الناس انى قاسيه على ذاتى حد الدبح لذا تنتابنى حالات متقلبه ..وان كان بطبعى احب التفاؤل والامل..ولكن ان لم نتذوق المر فلن نعرف مدى حلاوه العسل...

وقت الفراغ....بين الاوراق والكتب...او الاختلاء بذاتى فى حاله صمت !!

الاكله المفضلة بصراحة جميع الماكولات لدى ...ولكن السمك ...ولى حكايات مع الفلفل والشطة " فانى احب كل ما يمت بصله للشطة من الماكولات وان لم يمت بصله اجعله له علاقة ...ورغم التحذير..ولكن لم استطع الابتعادى الا لبعض الوقت والعودة مرة اخرى"

الصفات التى اخدتها من والدتى "الحكمة بقالبها العقلانى..تحمل المسئولية ..محاولة بناء ذاتى" ومن والدى" خبرته الحياتيه"



ما احبه واكرة فيما يزيد عن ست اشياء" وليه التحديد عموما حاضر"


اكره التعصب الجاهلى...وكل من ينظر إلينا نظره تحتيه ويصنفنا بتصنيف المتخلفين" بعدما كنا اهل العلم والتاريخ والمعلمين لمن تسلقوا على اكتافنا بنومنا المستيقظ ولكن املنا ان تعقب المحنه منحه".....واكره البكاء على الاطلال وانتظار ما لن تجود به الايام......واكره الاقنعه بكل انواعها....واكره ان اكون مسلما وصفاُ لا فعلا ً...

أحب الخير لكل الناس....واحب الاسلام بكل ما فيه...احب البلد برغم ما يفعل بها" فهى لا ذنب لها بل هى المحمله بأوزارنا..."....أحب القلم الذى ينشد الحق....واحب ان ارى الابتسامة الراضيه الغائبه عنا... واحب ان ارى شروق شمس يوم جديد على فلسطين وباقى دول المسلمين..


شخصيتى؟

انطوائيه..بيتوتيه...ادمن الصمت...واعشق الكتب والقلم...فذلك ما اعرفه عنى...

دخلت عالم التدوين...لان منذ صغرى من مقيمى المكتبه فى مختلف مراحل دراستى وقيل لى ان انسب مجال لى الصحافه..واجمل ما قيل لى ان لدى بركان قلم...ونظراً لعدم اتاحه الفرصه فى مجال الصحافه...فكان لابد من ان يتنفس قلمى حتى لا يختنق ويموت وتختنق افكارى التى اريد تسطيرها ...


اهميه التعليقات.... التعليقات صدى لصوت القلم...قد تقوم اعوجاج افكارى..او تضيف الى قلمى...او تربت على ساعده..وارحب بالرأى الاخر فالافكار ليست حكراً..


اجمل كلمة قيلت فى المدونة؟ كل ما يقال سواء بالاتفاق او الاختلاف ولو حرف له لدى تفسير خاص وزاويه جماليه تختلف درجتها..

أحلى بوست كتبته ؟ وضع الينك ثم اذكر السبب؟

بالنسبه لى ...فمجمل ما اكتبه يختلف من حيث الفكرة... فلذلك لا استطيع القول...

افضل مدونة قراتها....كل مدونة لديها فكرة...وقلم ..

افضل بوست قراته؟ تحتلف الموضوعات وبالتالى تنوع الافكار والكلمات فلا استطيع القول ... ولكن يكون محل السؤال اذا كان هناك فكره واحده وتعددت الموضوعات...


الانترنت بالنسبة لك؟

باب جديد على الحياة...


تمرر التاج لمين؟

الحرية للجميع فيمن اراد ومن لا يريد...

والحمد لله خلص التحقيق... عذراً إن اطلت الحديث...

نـــسبية الأفــــكار



تتعدد الأفكار .. وتختلف العقول ليس اتساعا وإنما استيعابا ، ونظرا للتعددية والاختلاف تولد العديد من الاراء .. وكما نعلم بصمة الأصابع يوجد أيضاً بصمة للعقل، والفكر ،وللقلم فيما يخط من أراء مخضرمة وأخرى متسلقة ..
فالمعرفة لا وطـــن لها.. ولكن يَكمن مكانها في جهاز تبلور المعرفة القابع في أجسادنا من عقول تطرق وقلوب تنبض ..
ومع الاعتراف الكامل بالفروق الفردية بين أصناف البشر تظهر الفروق في الأفكار .. ولكن يقابل الاعتراف إنكار لتلك الأفكار مما يستدعى إبراز نسبية الأفكار ..


ولكن نضع بعض الخطوط العريضة للتنبيه أن الحديث حول نسبية الأفكار يدور حول المعرفة البشرية بعيداً عن كل ما يمس الأديان ..فكما إن الأعين لا تستطيع اختراق الجدران كذلك العقل ..
فأفكارنا هي ثمرة معرفية متراكمة تنبت داخل تربة العقل البشرى ، تتحدد معالمها من خلال وسائل التعبير المنظمة فلولا تلك الوسائل لأصبحت عقولنا قبوراً لأفكارنا..


وتعد الكتابة من إحدى ابرز الوسائل في التعبير عن المخزون المعرفي.. فهي تعد رسالة عقل إلى عقول ووحي خاطر إلى خواطر ..
فأعمارنا واحدة وكذلك الحياة واحدة .. وأنت وحدك فكرة واحدة... وخيالك واحد...ومهما اتسعت معارفك يوجد من هو اعلم منك حقيقة لا ينكرها إلا من أنساه إياها الزهايمر ..
فتحتاج إلى فكرة تلتحم بفكرتنا لا لتصير فكرتان ولكن لتولد ألاف الأفكار البانية للحائط المعرفي ..لمواجهة أفكار كالخزعبلات ممزوجة بالعديد من الأساطير التي لا يسكنها عقل إلا من خبأه تحت وسادته الناعمة..


فالهدف من إخراج الفكرة من باطن العقل البشرى ليس تنقية للتربة بقدر ما هو قرع للأذهان المستمعة وتقويم للأفكار العائمة على سطح الماء ولا أساس لها تعتمد علية..
ومن خلال المجتمع البشرى الهائل والعلمانية والحداثة وغيرها من الغزو بكلتا أنواعه.. نجد اختلاف في التفكير ونتائجه من أفكار وبعض الأحيان صراخ بالعديد من الأفكار .. ونجد تعصب يفوق الجاهلية.. وإذا تركت أذنيك في ظل عصر الأقلام الصارخة والآراء المتلاطمة كالأمواج العاتية ستجد طائفة يحدثونك وكان عقلك في أذنيك...
فلا تحتاج إلى ألاف الكتب لتقوم اعوجاج الفكرة ولكن تحتاج إلى بعض من العقل النقي يفكر على سجيته...فافتقاد الفطرة في كل شيء أدى بنا إلى العمى برغم تواجد أعين ولكن عين القلوب عميت نظراً لانتكاسة الفطرة التي لا تحتاج إلى صراخ ولا عويل من اجل الاقتناع ببعض الآراء ...
قد يتفق ا لبعض أن مقوله استشر قلبك قد تراجعت في الترتيب نظراً لفقدان عين البصيرة...


وفى ظل نسبية الأفكار... إن لي رأى مقنع واقتنع به على نور" بصيرة"..ولا يعنى ذلك الانفراد بل عليك قبول العديد من الآراء سواء بالاتفاق أو الاختلاف.. فلربما الاختلاف يُولد أفكار يجهلها كلاً من المتفق والمختلف...فتلمع المعادن حينما تنصهر...


فنحن سجناء لأفكارنا " كما قال رالف ايمرسون"... لا نقبل ولا نتقبل إلا أفكارنا بغض على النظر عن القناعة او الصراع الداخلي في تقبل أى فكرة قبل أن تصبح كلمة...وذلك ما قاله ايرا جاسن "( أحذر من أفكارك فقد تتحول إلى كلمات في أي لحظة)"
فليس الحذر هو خوف أن تتناول الألسن قبل الأقلام الأفكار... بل أن تكون على اقتناع تام ولديك مرونة في تقبل الأفكار
المخالفة لمسار أفكارك بدون تسخط ...فلولا الاختلاف لما وجدت العديد من الأفكار المقومة للأنماط الحياتية المختلفة...
فأفكارنا ليست خلاصة كتب فقط ولكن يمتزج بها العديد من المؤثرات المحيطة فلذلك نجد اختلاف ربما فى كلمة واتفاق فى جارتها...
ولكن اعتذر منك حينما تقودنا الأفكار إلى الجدل حول حقيقة ساطعة كالشمس...
فالفكرة بشموليتها هي تعدد الأفكار و الاراء الناتجة عن التفكير والنتيجة هي نسبية الأفكار..



صباح الخيـــر أيها الحزن





صحوت من نومي فوجدت نفسي حزينا بلا سبب سألت نفسي: هل أغضبني أحد قبل أن أنام ؟ لا ..هل فقدت عزيزاً فأحزنني فقده ، لا ..هل أغضبت صديقاً فندمت على ذلك ؟ لا..هل طعنني صديق في ظهري فالمتنى خيانته ؟ لا..لمـــــــــــــــاذا إذن هذا الحزن الشفيق الهادئ الذي يغلف أحاسيسي في هذا الوقت من الصباح؟
ولم أجد جوابا مريحاً فسلمت بأنها زيارة عابرة من هذا الرفيق القديم الذي يطل علىَّ من حين إلى آخر فيطيل زيارته أو يقصرها حسب الظروف ثم ينصرف إلى حال سبيله .
وقد علمتني تجاربي أن أحسن استقباله وألاطفه حتى يرحل عنى بسلام ..ومن وسائلي في ذلك ألا أساله لماذا جاء..ولا متى سيرحل إذ ليس من حسن الأدب أن تسأل ضيفاً حتى لو كرهته لماذا جاء يزورك..وإنما عليك أن ترحب به وأن تكرم وفادته وأن تتجاهل السؤال عن موعد رحيله إلى أن يهمّ بالانصراف فتلحُّ عليه في الرجاء بأن يبقى حتى موعد الغداء..فيعتذر..وترجو فيعتذر ثم تضطر آسفا إلى قبول اعتذاره .


هكذا جلست بين يديه أحتسى القهوة وأفكر..ثم استأذنته بعد قليل في سماع شيء من الموسيقى يناسب المقام..فانسابت أنغام قطعة من الموسيقى الشرقية التي تثير الشجن هي سماعي العريان من مقامي البياتى ..وأشعلت سيجارة وقدمت له مثلها ثم غرقت في أفكاري ..إلى أن بدأ عليه أنه يهم بالقيام فألححت عليه في الرجاء بأن يتفضل بقبول دعوتي للغداء وربما للعشاء أيضا لكنه أعتذر بأنه مرتبط بموعد هام فودعته حتى باب الشقة واعتذرت له بأن مازال معطلاً ووقفت على السلم وأودعه ثم خطر لي وقد أصبح خارج مسكني أن أتجاوز حدود اللياقة قليلاً معه وأساله عن سر زيارته المتكررة لي في الفترة الأخيرة خاصة في الصباح فاستند إلى " الدرابزين " وقال لي بكبرياء : إنني لا ازور أحداً بغير دعوة ..فقلت : وهل دعوتك ؟ قال نعم !.قلت : كيف وأنا لم أتصل بك ولا أعرف لك عنواناً ؟ فقال : دعوتني في كل مرة زرتك فيها بغير اتصال حين تتجمع داخلك سحب الاكتئاب وتضيق ببعض ما تراه فلا تنفس عن نفسك بإعلان ضيقك وحين تكتم مشاعرك لكيلا تغضب الآخرين وحين تمضى نهارك وليلك بين الأوراق والمشاكل لا ترفع رأسك إلا لتتحدث في عمل .. ولا ترى من الشوارع إلا الطريق من بيتك إلى عملك وبالعكس ، ومن الدنيا إلا أصحاب المشاكل والمهمومين ، وحين تلهث دائماً وصدرك مشغول بأمر ينبغي أن يتم وأمر لم ينجز بعد وغاية لم تتحقق وحين تكون في حالة لوم مستمرة لنفسك تحسُّ معها أنك كنت تستطيع أن تفعل كذا ولكنك لم تفعل أو فعلت ولكن ليس بالمستوى الذي تتمناه وحين تحس بأنك عاجز في كثير من الأحوال وتتمنى لو كانت لديك قدرات خارقة تحل بها المشاكل وتلبى بها كل الرغبات ، وهكذا تتجمع السحب ببطء داخلك فأجد في بيتي بطاقة موقعة منك بالحبر السري تقول لي فيها " تفضل بزيارتي " فألبى نداءك رغم كثرة مشاغلي وارتباطاتي !.


دهشت مما قال وقلت مدافعاً عن نفسي : لكنى لست كما تصورني فأنا إنسان متفائل بطبعي وأدعو للتفاؤل بطبعي وللكفاح في الحياة وأومن بأن حياة الإنسان من صنعه ..وأن الحياة إرادة ولا أعلق أبداً فشلي على الحظ كما يفعل البعض ، لكنى لا أنكر دوره في الحياة ، فأنا أومن بالحظ وبالقدر والنصيب وأومن أيضاً أنها ليست كل شيء وأن الجانب الأكبر من نجاح الإنسان أو فشله يتحمله الإنسان وحده ..لهذا فإني أحس دائماً بأنه لا حد لقدره الإنسان لو صح عزمه. وأطرب كثيراً لحديث الرسول الكريم " لو تعلقت همة أحدكم بالثر يا لنالها " وأومن بأن على الإنسان أن يؤدى واجبه ويرضى ضميره ثم يترك الأمر بعد ذلك لله عز شأنه يُصرفه كيف يشاء ، لأن المهم هو ألا يقصر الإنسان في حق نفسه أما المستقبل فبيد الله وحده كما أنى أيضاً من المؤمنين بأن الإنسان يستطيع أن يبدأ من جديد في أية مرحلة من العمر ..وأن يصنع من الفشل بداية جديدة للنجاح وأن يطور من نفسه دائماً وأروى لمن يسألني من الشباب أن محمد على مؤسس مصر الحديثة بدأ يتعلم العربية وهو في الخامسة والأربعين من عمره وأن النابغة الذيبانى قال الشعر لأول مرة في حياته وهو فوق الستين ، وأن الفيلسوف الألماني شوبنهاور فاجأته الشهرة وهو يقترب من السبعين ، وأن الفيلسوف أفلوطين الذي ولد في أسيوط وعاش في روما لم يبدأ الكتابة إلا في سن الثامنة والأربعين بعد أن أكمل دراسته واكتملت له فلسفته التي عرفت بعد ذلك بالأفلاطونية الحديثة .
وأقول دائماً لزواري من الشباب ولنفسي قبلهم إن الدنيا تأخذ وتعطى ، وأن العقبات لا تحول دون النجاح ، وكثيراً ما نكون الدافع القوى له وأن المهم دائماً هو أن نشترك في مباراة الحياة بكل طاقتنا لكي نكون من الفائزين لأنك لن تفوز في أي مباراة إلا إذا كنت من اللاعبين أما الانسحاب قبل أن يبدأ اللعب فلا يحقق سوى الحسرة ، أقول ذلك وأومن به وانظر إلى الحياة دائماً بقلب يخفق بالأمل .


فلماذا تفرض علىّ صداقتك وتزورني بلا دعوة ؟
فسحب يده من يدي وقال لي مؤكداً للمرة الأخيرة : لقد دعوتني فلبيت الدعوة ..وليست هكذا أصول الضيافة ! ثم تهيأ للانصراف غاضباً فأثار ضيقي أنه مازال مصراً على أنى دعوته وعدت مسرعاً إلى الشقة لأبحث عن " قلة " أكسرها وراءه فلم أجد فأخرجت زجاجة مياه مثلجة وعدت سريعاً إلى السلم لأرمى بها عليه ورفعتها فسرت برودتها في يدي وذكرتني بعطشى وقلت لنفسي فجأة "خسارة فيه "ثم شربت حتى ارتويت وعدت مبتهجاً إلى شقتي !!


للاستاذ// عبد الوهاب مطاوع رحمة الله -


عصر الغزلان !!




قضية المرأة بين الإفراط والتفريط .. إشكالية تفرض نفسها كل فترة زمنية إن لم تكن بصفة مضطردة فيتناول كل من لديه قلم أو لسان ناطق هذه القضية المثيرة للجدل والافتراءات ليتوهج الحديث بالجدل العقيم إن لم يكن بالسباب أحياناً. فلا أحد يُنكر دور المرأة... وهذا ليس مجال الحديث ..
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ماذا نريد من المرأة؟!
أنريد امرأة زوجة ، متدينة ،عاملة، مربية ، عفيفة ، محترمة ، أنيقة ، رشيقة ، رومانسية ، مثقفة..
هل نسيت بعض الصفات ؟! نريد الكمال في مخلوقٍ ضعيف خلق من ضلعٍ اعوج إن أتيت تُقومه كسرته هذه حقيقة لا يُنكرها أكابر القوم أو أراذلهم..

فأصبحت النساء تضاهى عارضات الأزياء وعلِيه القوم من نجوم الفن الرفيع بعد ما أخرست ضميرها وقتلت حياؤها بدعوى من التحرر والتطور العصري...فاصطدم هذا التحرر بالدين والعادات والتقاليد الشرقية وأنكرته القلوب وإن ارتضته العيون..وننطلق من أولى الصرخات التي بدأت تُنادى بالتحرر و المساواة مع الطرف المتسلط " الرجل" من وجهه نظر مدعى التحرر.


فتوالت الصرخات وارتفعت للمناداة في بداية الطريق..
بجاهلية الحجاب وانه عادةً ليس بها ثواب ولا عقاب وإنما هي تفرقة عنصرية بين أصناف البشر فمنذ بدء الصرخة الأولى تراجع الحجاب إلى الخلف ليظهر ألون الشعر ومع توالى الصرخات سقط الحجاب تحت الأقدام وأوقد فيه النيران لمزيد من التدفئة وكان من الغريب أن يسقط غطاء الرأس و الوجه وأن يصبح الجسد مغطاة بأوسع الثياب فكان لابد من بعض الصرخات لمزيد من فتحات التهوية لاستنشاق الهواء النقي المحمل برزاز الغرب وبالفعل هبت الموضة العالمية لتخدم القضية وانطلقت حرية الملبس وقيدت حرية الرأي تناقض يجبرك على التصفيق..

وبدّت فاعليه المخطط المرسوم فكلما تشرت العرى كلما غيبت الوعي وأمسكت بالنواصي وأفقدت البصر والبصيرة النورانية وأذهبت العقل ولن يبزغ الفجر ولن تسمع زقزقة العصافير ...

ومن هنا اعتبرت المرأة كسلاح ردع لكل من تسول له نفسه بالتحرك و الإصلاح .. مع الاحتفاظ بالطابع المنادى بالمساواة إلى أن جاء اليوم الذي سنجد فيه الرجال تطالب بالمساواة نظراً لهضم الحقوق المقابلة لدعوى المساواة..
ومع مرور الوقت ولمزيد من الغيبوبة.. لابد من ظهور نماذج بها لمسه سحريه تفعل ما لا يستطيع المشعوذ فعله ببعض البخور.. وبناءاً عليه ظلت تطفح البركة بنساء كالشياطين تغزو وتدمر كالنمل الأبيض إلى الآن.. وهكذا كلما هبت ثوره لإعادة المرأة إلى رشدها الكامل المحدد خارج إيطارالقوانين الوضعية .. فيتصف المنادى بالتخلف وعصر ما قبل الغزلان..!
فلقد وعى أصحاب المخطط لأهمية المرأة وترسخ في أذهانهم مدى فتنتها وتأثيرها على المجتمع بأسره .. فأمن الجميع بأقوال الرسول - عليه الصلاة والسلام- وتفهموها فهماً واعياً رغم كفرهم بصاحب الرسالة وانطلقوا من عند صاحبة الفتنه الثورية...ومع مرور الزمن اجتاح المخطط الشيطاني جميع الدول وتبدلت العقائد والمعتقدات وأصبح العرى هو التحرر ولنفصح بالحقيقة بل أصبح هو إثبات للمرأة الغريبة ولعالمها بمدى تطورنا مثلهم ومعرفتنا بحقوقنا وإن لدينا القدرة على التقدم ومواكبتهم ومنذ هذه النظرة لذاتنا أصبحنا متهمين بالرجعية في قفص الدين والعادات والتقاليد...
وإنها لجاهلية معاصرة أن يقارن التقدم بتجرد المرأة من حجابها وثيابها وعاداتها ونطلق عليه مواكبه التقدم والتطور وإن كان العرى هو التقدم فلنعد رجالا ونساء إلى عصر أوراق الشجر.... فالتقدم أيها السادة يقارن بالمستوى الاقتصادي ولكن من الغباء المقارنة على مستوى الاجتماعيات المطعمة بالتزيف الذي نعاينه الآن ..فاختلت موازين التقدم والمواكبة.. نجح شياطين الإنس من أن يخمدوا العقول وان يتم تنويمنا تنويماً مغناطيسياً ويتم سحب أفكارنا والسهر على إرادتنا فتقدموا ونحن مازلنا في نومنا المستيقظ....
وبمرور الزمن استيقظ بعض أصحاب الفطر السليمة منادين بالرجوع ... وبدء البعض يفيق من غيبوبته وعاد هدم ذلك المخطط وعادت بعض النسوة وعاد شحذ الهمم على الإنجاز...فهب أصحاب المخطط للقضاء على تلك الصحوة التي ستقلب المجتمع رأساً على عقب بدعوى الدين الذي جعل السابقين يسيطرون على الكره الأرضية ويسطرون تقدماً خارقاً لقدراتهم .. فعملوا على تربيه نبته خبيثة ترعرعت في تربتهم وأشربت من أخلاقياتهم وغذيت على أفكارهم الشيطانية وبسرعة البرق انطلقت النبتة الخبيثة لترسم صورة شنيعة لتطلق عليهم شتى الأسماء ليتم زيادة التفرقة والكراهية بين أفراد المجتمع الواحد ..
وعلى الجانب الأخر تم التركيز على نجوم المجتمع وإغداق الأموال الطائلة على ذلك القطاع لإعطاء حقنة مخدره عند إفاقة الوعي تضم الحقنة شتى الأفكار المهدئة للعاطفة والمريحة للنظر بشتىء الطرق وكل فترة يتم إضافة ماده جديدة لزيادة التأثير والتخدير..
وهكذا أصبح المجتمع بشتىء قطاعاته يتخبط تارةََ إلى اليمين والى اليسار.. يركن إلى الدين وعندما يمل من التكاليف يركن إلى التحرر المزيف... فبضياع الفنان ضاعت الريشة والألوان فزيفت لوحه المرأة والزوجة والمربية الفاضلة بدعوى التحرر
أصبحت الأم والبنت وجدران البيت في تحرر وبالتالي سقط البيت وانهارت الرقابة وهضمت حقوق الزوج أمام جماعات التحرر المزيفة من أقصى بلاد الضلال .. فنجد نماذج كالممثلات متناقضات تمتلك العديد من الشخصيات أب وقور وأم محتشمة بجوارهم عارضه أزياء..
وتوالت الأجيال فهب البعض إلى إعلاء الأصوات لجمع الكلمات المترامية الأطراف في كلمه التوحد.. فبدأ التغير .. فرد العدو اللدود بدعاة من النار يبدلون الأصول بالفروع والمنكر بالمعروف ليتم التخبط الشديد وبدلاً من أن يتم الحوار حول وسائل التقدم أصبح الحديث عن الحقوق المستوردة المهضومة وإمامه المرأة ..وغيرها

وهكذا ندور في دائرة مفرغه نعود من حيث البداية بدون أدنى إنجاز... وتبقى قضايا المرأة الشغل الشاغل وتبقى الأسئلة تدور هل هذا هو المطلوب وهل هذا صحيح هل هل هل هل.....؟والإجابة واضحة ولكن المخدر أذهب العقول وأعمى الأبصار..

وإن كان السلاح المستخدم هو نساؤنا وتعويم قضاينا فيجب على ذكورنا الانتباه فقد يكونوا هم سلاح أشد فتكا يدفع المرأة إلى أن تنافس فتيات الكليبات والراقصات وبذلك يكون حقق المخطط الشيطاني نجاحاً أودى بحياة المجتمع إلى الهاوية باقتلاع الفكر السليم وإنبات الفكر الخبيث...كيف؟
لقد أصبح شبابنا يطالبون بزوجات لديهن رشاقة عارضات الأزياء وتحرر الراقصات وأجساد من نحات بارع النحت ووجوه من صنع أشهر طبيب تجميل.. فصار كلا منا يتقدم بقائمه طلبات لمصنع العرائس ليخرج له هذه الدمية ليقتنيها ويا حبذا إذا وضعها في المتحف ليتباهى بها أمام الجميع....فهذه هي الجاهلية.. أن نقف في سوق الأحرار ونشترى من نريد.... أصبحنا متخبطين بين دفتا المركب لا ندرى متى النجاة ومتى الغرق الشنيع ؟!
بعد أن صار كلا منا يبحث عن جوهراً من الماس والأخريين يريدونه كالنحاس وفتح هذا الباب إلى قضايا اشد فتكاً وخطراً منها تأخر سن الزواج نظراً للبحث من كلا الطرفين عن أصحاب الدرر الفريدة..
وظهور قضية الأقنعة المزيفة حتى يتم التمكين وبمرور بعضاً من الشهور يظهر المعدن الرخيص لنجد محاكم تشتعل وشباب شاخت اعمارهم وتبددت ألوان حياتهم ..
فهذا الجمع المركب من القضايا أصاب العقول بالعقم وهى في مرحله مراهقة متوهجة...
فانتكست الفطرة وعميت القلوب وأطربت الأذان لذلك النشاز ... وتم تعقيد المرأة برموز غريبة لم نفقهها ومهدنا لها الطريق لتصبح أكثر تعقيداً من تخصيب اليورانيوم....
فلماذا يجب أن أكون فرشاه وألوان وبيدي أن أكون أنا الفنان؟
فعلى المرأة أن تستعيد هوية الفنان الذي يرسم بنفسه... ولا تكون الريشة التي يُرسم بها...أو الألوان التي تُمزج حسب أهواء القريب قبل من هم خارج خارطة الطريق !!