أوراق من العمــــــر





وداعاً للماضي وأهلا بالمستقبل ..في يوم من الأيام ستمر حياتك أمام عينيك فاجعلها تستحق النظر إليها ..
في البداية .. لنتفق على أن بعض الإجابات لعلامات الاستفهام تعد إيهانه لتلك العلامة وربما تخدش كرامتها وتنال من هيبتها !!
وفى وقت أشبه بفترة النقاهة من جراحه .. يفتر الجسد على الاستطراد في الحديث وفى بعض الأحيان العجز الكامل عن كتابه سطر واحد .. ومن خلال نظرة عابرة على أوراق من الماضي نجد دموع الحاضر تنهمر كينبوع إيقاعي النحيب !!



مع مرور سنوات العمر .. أفكر جدياً في عرض نفسي على طبيب نفسي على الرغم من العداء القائم بيني وبين كل من يمت بصلة للطب ومجالاته المختلفة خصيصا القلب فلى معهم باع طويل !!
وسبب التفكير هو إن لي أصدقاء .. أحدثهم ويحدثونني .. وأعجب بهم واقف موقف العجب منهم .. ولكن لا يراهم أحد غيري !! فهل لديك تفسير لتلك الحالة ؟!
تمهل !! لا تسيء الظن بعقلي .. فإنهم أصدقائي في الخيال الذين تعرفت عليهم من خلال الكتب ، أولئك الذين تَعلمت من تجاربهم التي تسكن بين السطور .
سواء كانت سطور تحكيهم أو يَحكون بها ما يقصونه مما تعلموه من جامعه الحياة ، فالتمس لي بعض العذر على تلك الهواية الغريبة .. فحين يعز الأصدقاء الحقيقيون أو تباعد بيننا وبينهم الحياة أو المسافات فلا بأس من التماس السلوى مع أصدقاء الخيال !! ويبقى السؤال عن الأصدقاء الحقيقيون ؟



خلال مرحلة ما قبل المدرسة ..تعهدنى شيخ جليل رحمه الله ومن بعده ابنته بحفظ سور القرآن الكريم .. وتعلم القراءة والكتابة كما هو معروف باسم الكتَّاب ..وتلك المرحلة تعد أفضل لبنه وضعت في حجر الأساس لتلك الشخصية حيث تم التعليم حول مأدبة القرآن ..بالإضافة إلى القراءة والحفظ والكتابة والواجب.. وكان هناك عقاب وثواب وحضور وانصراف .. أشبه بالحضانة مع فارق الخلو من الغزو الأجنبي..فتم شق طريق اللغة العربية وتشكيل مفرداتها بالإضافة لتعلم النطق ..وتم البناء من خلال سنوات الدراسة باختلاف غزوها على تلك اللبنة الأساس في بناء التكوين ..وبغض النظر عن الحضانة.. كان الأفضلية لذلك الطريق .. فمع بعض المقارنة .. نجد في الوقت الحالي الطفل ينشأ على مسلسلات الكارتون وما يتم بناءه من A أبل تفاحه ..إلى أن نصل إلى التربة وجذورها فذلك الخط العكسي الذي نسلكه .. فالأصل البدء من التربة التي تخرج التفاحة !!



في المرحلة الابتدائية تم تمهيد طريق معرفتي بالمكتبة من خلال حصة المكتبة التي من اختصاص مدرسة اللغة العربية بإفراد حصة أسبوعية للمكتبة بخلاف حرية الذهاب في الفسحة .. وفى تلك المرحلة كانت الكتب المتاحة لمن في أعمارنا المكتبة الخضراء " شبه الكارتون المرئي الحالي و كل الكتب تمت بصلة للون الأخضر ربما لأنها تنمى موهبة التخيل "
وبصراحة شديدة كنت لا أحبذ تلك القصص الخضراء ولكنها جعلتني أحب كل ما هو أخضر مزروع .. وخلال مراحل التقدم العمري والدراسة بدأت أتمرد على تلك الخضراء بالذهاب إلى غيرها من المتاح لنا ..وكنت أتعثر في الفهم ومعاني الكلمات و كنت اتخذ من مدرسة اللغة العربية مرشداً لإزالة غموض الكلمات وتوطدت علاقتي بكل من قام بتدريس اللغة العربية خلال المراحل المختلفة نظراً لذلك السبب.. وعندما بدأ موضوع التعبير يعرف طريقه إلى الكراسات وإنشاء كراسه مخصوصة له اتضحت ثمار المكتبة .. وعند تعارض الحصص مع الآخرين فإنه يتم جعل الحصة للتناقش حول ما تم قراءته سابقا أو يتبرع بعض الطلاب بالتحدث ونقوم بالإنصات ..
ومن هنا مع بداية كل سنه دراسية أصبحت من ضمن من يلقبون بأصدقاء المكتبة ويتم إهداء قلم ليس على الوجه وإنما لإضافة أفكار إلى العقل..والحال الآن .. يعد إيهانه للسؤال ؟



في الصف الثاني الابتدائي .. قامت صديقة تجلس بجواري بالمشاجرة مع زميلة في الفصل .. فقامت الأخيرة بالذهاب لمدرسة اللغة العربية وكانت لتلك المدرسة لها مكانة من التقدير والحب داخلي وكانت المسئولة عن الفصل .. فعندما توجهت الزميلة بالشكوى وهى تصطنع الدموع قامت المدرسة بعصبية شديدة بالدخول إلى الفصل وتوجهت لي وما شعرت إلا بأصابع يدها على وجهي .. ورسم على وجهي علامات ممزوجة من الاستفهام والدهشة ألجمت لساني عن النطق .. فأسرعت الصديقة المجاورة " بأن مش نور اللي ضربتها دى أنا " !! وحدث اللبس نظراً لتشابه الاسم بالإضافة إلى القرب المكاني !! وقامت المدرسة بالاعتذار وإضافة لمسه حنان ..وكان ذلك أول قلم تم منحه لوجهي !! ولا ألوم المدرسة .. ولكن لربما كان القلم من نصيب الغير وامتنع عن الذهاب وسكنه الخوف من تلك الدوائر الإلزامية .. فأين التروي والتأني ؟!



مع بدأ المرحلة الثانوية .. بدأت في الانعزال ليس من أجل معسكر الثانوية العامة .. وإنما كانت تلك السمة في حالة طفولة غير ناضجة وعندما بدأت المرحلة الثانوية أصبحت من السمات الرئيسية لملامح الشخصية الناضجة مما جعل من الدائرة محدودة ولا يتم السماح والولوج في إيطار الدائرة إلا لمن يساهم في الدوران ولا يقوم بالتخريب أو التوقف عن الدوران.. و الكتب في تلك المرحلة اتخذت طابع ديني أكثر من غيرها .. وكانت لي صديقه تشاطرني ذلك الطريق ..
وطرق ذهني خلال تلك الفترة وراثة الإسلام رغم مرور مرحلة الإنبات واللبنة الأولى في التكوين ولكن ..حاولنا القفز سريعاً لا بالأجساد وإنما بالأرواح على علم يوازى مرحلة النضج ..وكنت على يقين أن الفطر السليمة تستطيع أن ترى النور ولو في عمق المحيط..وكان لابد من طرق باب التفسير والتعرف على مناقب الشخصيات المشهود لها.. والتزود من الكتب التي تساهم في الإيضاح والتقويم .. والتطرق لكتب الزهد والرقائق .. وخلال تلك المرحلة لم يصمت بركان الأسئلة .. وعلى الرغم من الأمواج العاتية كان الحق جلي متزن .. وبدأ التشكيل بعيدا عن الأمواج وإنما على الحق الذي لا يتجادل فيه من ولد على الفطرة..وكانت تلك المرحلة لبنه أقوى من سابقتها ولكن يجتمعان في نقطه الالتقاء فالأولى قلبت التربة وقامت بالتنقية وتمهيد الطريق والثانية قامت بالزراعة والتسميد ..!! فالسؤال لما يتم التشويش والخوف من الطريق ؟ّ!



من أكثر الصفات مضايقة لمن يحفظ عينه ببرواز من الزجاج أن يتم اتهامه بأنه "موس " وخصوصاً عندما يمتلك بعض المقاومات للفوز بذلك اللقب بجدارة بين الرفاق .. ومن الطريف أن يتم إطلاق صفة الدكتور كذلك.. ولا أدرى لماذا ربما لان الموس سيتحول إلى دكتور ؟ ولكن اختلفت الموازين حينما تم إغماض العين وتوقف الموس عن المذاكرة في منتصف الصف الثاني الثانوي !! ولم يرى الحروف إلا على أعتاب الامتحان!! ومن هنا ولدت حاله من العصيان على ذلك البرواز!! ولكن هل يدرى من يطلق صفه الموس انه يصدأ أو تثلم حدته .. وهل ذلك ينطبق على العقول التي تتصف بالديناميكية ؟!



حرصت دوماً على قراءة تجارب الآخــرين .. والتطرق إلى الاجتماعيات .. لمعرفة أسباب هجوم ذلك السوس الذي ينهش ويلتهم بدن المجتمع وخصوصاً على المستوى الأسرى، لم يكن ذلك من أجل البكاء على ذلك الجسد العليل .. وإنما لمعرفة تلك الثقوب ومحاولة سدها في تلك الشخصية .. فالحياة تعطينا الدروس ولكن القليل من يمتلك العيون والعقول..فالغبي من يسير على خطوط السابقين رغم احتضارها..وإذا كان القلب تلك المضغة التي تُقوم حال البدن فالعقل يترجم ويبعث بالرسائل .. وكل شيء قابل للتمرين والتدريب !! وهنا التحقت بمدرسة الأدب الاعترافى على يد الأستاذ عبد الوهاب مطاوع – رحمه الله - ومازال التحصيل .. والسؤال لما نغمض الأعين عن قراءة من حولنا ونقع في الحفرة على الرغم من وجود العيون وفى الأخير نتهم الأقدار ؟!



لم تربطني علاقة قويه بالرياضيات .. إلا من أجل الامتحانات ..لذا لم أفكر في الالتحاق بأي شيء له صلة بتلك الأرقام حتى لا اتهم الظروف والأقدار والعيب يكمن في شخصي .. وعلى الرغم من التحاقي بكلية القانون " الحقوق"( ولا أدرى ما هي تلك الحقوق فالأفضل القانون .. فالحقوق مكتسبه والقانون يهضمها وربما يعيد تشكيلها وكلاً حسب موسمه السنوي !! )
ولكن الحسنه التي يتم احتسابها في تلك المرحلة هي دراسة الشريعة الإسلامية من خلال الفرق المختلفة ابتداء بالفقه وإحكام الزواج والطلاق والميراث والوصية والوقف وبعض النظريات"العقد والحسبة وغيرها .. ولكن هنا وقفه !!
في الفرقة الثالثة تُدرس أحكام الميراث والوصية وخلال المحاضرات المتوالية تعالت الأصوات بإعلان حالات من التخلف "الرسوب" فالمادة ثقيلة للغاية بالإضافة إلى شبح القضايا الذي يفرض في الامتحان .. وبدأ البعض شطب المادة من جدول المحاضرات والبعض بالجلوس لمجرد تواجده بالمكان والآخرين للإنصات .. ورغم ذلك كان العدد كبير ولكن الفهم ومحاولة التقسيم في وجود هيبة القضايا قليل !! على الرغم من أفضليه تلك المحاضرة والمحاضر !!
والسؤال .. لما يحدث ذلك على الرغم من وجود الأحكام في سورة من القرآن ..؟!



شيء مضحك حد البكاء .. أن يقوم دكتور الشريعة الإسلامية بإعلان عدم دخوله المحاضرات إلا إذا تم الفصل التام بين الكوكتيل المختلط .. وهنا تبدأ حالات من الاستعداد لخوض حرب للخروج من باب المدرج وتبدأ الحشائش في الابتعاد ويخيب مخططها في التشويش على الأشجار والنخيل .. والإجابة على ذلك السؤال يفتح سيلاً من الايهانه لتلك العلامة ؟



من المواد التي عكرت صفو علاقتي بتلك الكلية القانون الدولي العام .. وخصوصا عندما كانت الدراسة بخصوص المعاهدات الدولية وأعالي البحار .. فكان عالم البحار من ابغض التقسيمات للفرقة نظراً لصعوبته وربما لضعف شرح المحاضر ..فكانت المعاهدات خير عوض في محاولة ترميم ذلك التصدع .. فقمت بمحاولة تلخيص تلك المعاهدات تلخيص ذاتي بعيداً عن التيك اواى إلى يتم صنعه خارج أسوار الكلية .. وعندما انتهيت كنت قد ألممت بأجزاء ذلك القسم وعن وعى تام واحتفظ بالتلخيص لحين موعد الامتحان ليتم المراجعة السريعة .. ومن باب التعاون أخذت الدائرة الخاصة المحيطة من الصديقات ذلك التلخيص .. وفى يوم الامتحان كان التجمع وتعالت الدعوات فكان التلخيص وافى لما جاء بالامتحان والجميع توقع لي تقدير لا يقل عن جيد .. ولكن تثقل تلك المادة كاهلي للعام التالي ويحالف النجاح الغير !! فكان ذلك العجب العجاب !! وعلمت أن تلك الكلية لا أمان ولا أمانه لها !! وتظل الايهانه لتلك العلامة .. ؟ أن التحصيل له حسابات أخرى خصوصا فى جامعه العمالقة !!



يتم المدح على ذلك الخط الذي يملا دفاتري وكان من الطريف جدا .. خلال الامتحانات خصوصا في المراحل الاولى .. عندما يقوم المراقبون باللجنه بمهمة مراجعه البيانات والإمضاء ..باعلان تلك الحقيقية وتبدأ الأسئلة" في سؤال مش عارفه إجابته " وهنا علمت أن التعليم لا يحكمه المذاكرة وإنما للغش طرق أخرى !!



وتتزايد الاسئلة مع أوراق العمر


7 التعليقـــــــــــــــات:

د. ياسر عمر عبد الفتاح يقول...

حمد الله علي السلامة
الموضوع قيم جداً
فيه كالعادى إطلالة أدبية فريدة
لغة جميلة , وإسقاطات وتعليقات بديعة
لما بدخل المدونة دي بحس إني رايح فضاء مختلف

الحياة مليئة بالعجائب والمتناقضات
ومصر مليئة بالمضحكات المبكيات زي ما قال أبو الطيب

فكرة إننا ننظر للماضي مش دايماً بتجدي بثمارها معايا .. بجده مشوش في فتوة طويلة جداً منه .. تفرغت فيها لمهام تافهة وغير مجدية إلا في طور (الموس)
لأنه الوحيد الي كان مجدي وغير تافه في تلك الفترة

مش لاقي كلام أقوله تاني
فيه حاجات كثيرة ممكن أعلق عليها
لكن مش هلاقي لو الوقت ولا الدماغ الرايقة لكده

مش كل ما هو طبي يستحق البغض ..!!
لومي المرض ومتلوميناش .. إحنا ملناش ذنب والله
ويارب تكون علاقتك مع أطباء القلب إنتهت نهاية سعيدة

قلم رصاص يقول...

السلام عليكم

أرفع القبعة وانحني لقلمك الرائع في سطر كل هذه الكلمات والأفكار التي تعيشين معها وبها ولها

وكما ذهب الدكتور ياسر انا أؤيده انه لايوجد متسمع من الوقت كي نعطي الموضوع حقه في التعليق الذي يليق

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يزيدك من فضله وتوفيقه

في حفظ الله

فارس عبدالفتاح يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
فارس عبدالفتاح يقول...

جلست اقرأ فظهرة العلامة وطلب مني بأن لا أسألها ولا انتظر الاجابات لان سؤالي اهانة صريحة لهذه العلامة

فسألت نفس لماذا توضع امامي هذه العلامة ثم يقال لي لا تسأل

فجلست اقرأ حتى اصل لهذه العلامة فوصلت اليها من بين الحشائش والاشجار والنخيل وعلمت ايضا انه لا أمن ولا أمان بين جنبات مؤسساتنا


واتضح فعلا بعد التدقيق والمراجعة ان اثني نفسي عن الاستفهام لتلك العلامة

ولكن اقول لمن وضع العلامة واشار الى استفهامها

اقول له انت .. رمز ..استحي ان استفهمه او استنطقة

ولكن

تنادمني عيني فيوقظني السكرُ مذ فهمتُ ضمني الهجرُ كيف وفي الوجدان مني تمذقاً يعالجني كاسي ويشفي لي الصبرُ بعثة الى الآفاق روحي حزينة يغلفها شوقي ويلفحها الجمرُ وغابت فضلت ثم لم تلقى جواباً فعادت لا يفارقها الاسرُ

محمد يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي نور

عودا حميدا


موضوعك قيم كالعادة

وفقك الله أختي ورزقك الثبات علي الدرب

خالص مودتي وصادق دعائي

Soul.o0o.Whisper يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

حقيقى مش عارفة أقولك ايه يا نور

ربنا يبارك لك يارب

حقيقى لا امل من قراءة تدويناتك
و أقرأها بشغف

و البوست دا عشته أوى
يمكن لأنه من واقع حياة !!


ربنا يبارك لك يارب
و فى انتظار جديدك :)


دمتى بكل ود

د.أحمد يقول...

نعبر مساحات العمر محملين بذكريات الأمس ومفارقات الزمن نطالع وجوها ونستثني أخري وتتسع مساحات التأمل فيما مضي ..

فقط أقول لك تأملت منابع الجمال في أحرفك وأسألك بصدق من يستطيع أن يجاري قلمك في كل هذا الإبداع!!!!؟؟؟..

الرائعة نور

لك قدرة مدهشة علي التعبير عما يجول بخاطرك أغبطك عليها

دام إبداعك
دمتِ بخير