مملكة الحب .. وتوظيف الأموال !!




قالت : ما الذى يضايقك من حواء ؟

قلت : أن أشعر أحياناً أننى أمام مأمور ضرائب يحاسبنى ولا يثق فيما أقول ، يتشكك فى أوراقى ، ويلعب معى لعبة القط والفأر. أشعر أحياناً أن الحياة أفسدت حواء فنست أن الله خلقها للعطاء ، وأن الأمومة جزء من تكوينها ، والأم هى المنطقة الوحيدة التى لا تستخدم قوانين الربح والخسارة فى العلاقات الإنسانية . كثيراً ما تطلق حواء كلماتها كالصواريخ : أعطيتك عمرى وشبابى وجمالى وأحلى سنوات عمرى . وهبتك العيون يوم أن كانت جميلة ، والضفائر حينما كانت تطاول أشجار النخيل ، والشباب حينما كان بريقاً وتدفقاً وحباً .. أعطيتك كل شىء ..!!
ونسيت حواء أن رجلها أعطاها أيضاً كل شىء : أعطاها شباباً .. وكانت الشعيرات البيض تختفى فى السواد يوم قابلها ..
كان يصعد درجات السلم كالغزال النافر ، وأصبح يتسكع عليه فى رحلة مرهقة .. وكان يسهر الليل والنهار ليوفر لها حياة كريمة مع أبناء سعداء. إن حواء لا تخطىء حينما تقول لرجلها : أعطيتك شبابى ولكنها تخطىء إذا تصورت أنها أعطت وحدها ، وأن عمرها قد ضاع، فهو أيضاً أعطى ، وعمره ضاع !!


قالت : ربما يرجع ذلك لأن حواء خلقت لتكون لرجل واحد ، ولكن الرجل يستطيع أن يجمع بين أكثر من امرأة .

قلت : كان هذا فى زمان مضىء فلا يستطيع الرجل الآن ، بكل المقاييس ، أن يجمع فى حياته بين أكثر من امرأة .. بمقاييس المال لا يستطيع ذلك إلا قلة من أثرياء زماننا .. وعلى المستوى النفسى والفكرى والثقافى ، أعتقد أن تركيبة الرجل تغيرت ، فهو فى أحيان يريد حواء المتكاملة عقلاً وروحاً ، فيبحث فيها عن وجدان يحتويه ، وعقل يخاطبه ، وحوار يجدد ركود أيامه . الرجل فى زماننا مرهق للغاية ، على كل المستويات .. فهو يلهث طول الوقت ليوفر حياة مناسبة ، ولا أقول حياة كريمة ..!! هو مطارد كل الوقت فى حياته وعمله .. إذا نجح حاربه الفاشلون ، وإذا سقط سخر منه الجميع . ولهذا نجده يحارب جهات كثيرة ليحمى نفسه ويحمى من يحب.
وحواء أيضاً أرهقها زماننا .. فهى لم تعد الأميرة التى تأمر فتجيب الحاشية أوامرها ، ولم تعد الأم التى تعطى أبناءها العمر والصحة والشباب ، ولم تعد الحبيبة التى تقضى عشرة أيام من الاسبوع تتغزل فى عيون حبيبها !!
أرهقتها الحياة أيضاً ، فهى مطاردة فى العمل والاتوبيس وطوابير الجمعية ، أو مطاردة بالوقت الضائع والفراغ وحكايات النوادى التافهة. وجلس كل واحد فى جانب يحاول أن يحاسب الآخر : ماذا أعطيت ؟


قالت : ولكن الرجل أنانى بطبعه .

قلت : الأنانية مرض عام لا يخص الرجال وحدهم ، لأن حواء تعانى منه كثيراً ، وإن كنت أتصور أن الأنانية من أبرز أمراض العصر ، لأن كل واحد يحاول أن ينجو ببدنه ، حتى ولو داس الآلاف بأقدامه فى رحلة صعود . وهناك مثل سخيف يقول : " إذا جاءك الطوفان ضع ابنك تحت قدميك " وهو منتهى الأنانية ، وهذا هو منطق العصر الذى نعيشه .

قالت : وماذا تنصحنى؟

قلت : لا أحب أسلوب فتح الملفات فى العلاقات الإنسانية ، فأنتِ حينما أعطيتِ عمرك وشبابك وقلبك ، أعطيتِ عن حب واختيار واقتناع ، ولهذا يجب ألا تندمى .. وهناك طرف آخر أعطى أيضاً عن اقتناع ، فكلاكما لم يمارس لعبه نصب على الآخر ، فهى بلغة الاقتصاد صفقه متكافئة ، لأن كليكما أعطى ، وربطت بينكما أشياء كثيرة ، ذكريات عمر جميل ، حتى الأيام الصعبة تربط بين قلوب الناس ومشاعرهم .
أسوأ ما يصيب الأحباب أن يتصور طرف أنه خدع الآخر ، وسرق منه بعض سنوات عمره ، فالسرقة إحساس ردىء ، ولا يجب أن يدخل دنيا المشاعر ، ولن أكون سعيداً أبداً إذا شعرت بأننى سرقت سنوات عمر انسانة أحببتها ، أو تتصور هى أننى سرقت منها شبابها .. الذى أعرفه أنه لا توجد شركات توظيف أموال فى مملكة الحب !!

من كتاب"عمر من ورق"


أقلامنا فى سطور!!



عندما تصاغ الكلمات وتتعانق الأفكار وتتكاتف العبارات معلنة مولد سطوراً.. يزينها مقدمة براقة تعزف إبداع قلم ، قلماً يحرك الالسان ويقرع الأسماع ويجذب الأنظار لما يسطره من شتى الحروب سواء كانت حروب طاغية لمناصرة الطغيان أو حروبا يصبح فيها محارباً مغوارا متسلحاًً بسيف الحق ودرع الحقيقة .

قيل.. يستطيع القلم أن يفعل ما لا يفعله السيف..!!

لا أعلم من قالها ولكن صدق بعض الشيء وبرغم ذلك نخط هنا بعض من الخطوط العريضة .
عندما يصبح القلم عقيما لا ينتج أي ثمرة تساهم في البناء السليم أو في هدم الواقع المرير..فيجب استبداله أو بالأحرى استبدال من يُمسك بهذا القلم..فليس الحل في القلم وإنما الحل في العقول التي تقبع خلف هذه الأقلام وفى الأجساد التي اكتفت بالأقوال المتناغمة التي تطرب الأسماع لتستجلب مزيد من التصفيق ..لنجد في النهاية حمل مثقل بالعديد من الكلمات ولكن غادرها روح العمل الذي سيخلدها واقع ملموس يساهم في تغير الأوضاع ...


ومن هنا.. يعد القلم أداة خارقة على الرغم من صمتها القاتل وصغر حجمها واختلاف أشكالها ولكن يكمن بريقه في حبره المخبئ بداخله والذي لا نراه إلا عندما يتساقط على الورق ليكتب ما يقوله الكاتب ليبرز لنا ما حواه عقلة من أفكار جهنمية تشعل الخبيث لتفتك به وليتم طرح أفكار تحث الأرض على النماء الطيب...

أقلامنا ...هي ما نمتلكها في ظل زمن أصبح الفعل فيه ماضي ولن يدب فيه روح الحاضر والمستقبل إلا بأقلام تهب لمناصرة الحق واعادة روح الفطرة التى خلقنا الله عليها أقلام تنير طريق الحقيقة المشوشة حالياً ..!!

نحتاج أقلام تقول لتُزيد النماء أو تحث على البقاء من أجل المزيد من العطاء ونحتاج إلى من يقدم لنا حل سريع لقتل من يقبع خلف قلم عقيم ...فلم تخلق لنا أقلام لنرسم بها ما يجول في الأهواء ونزينها ببعض الاقول المعصومة العينين حتى لا ترى الطريق إلى قلوب وعقول من ينشدون للتغير ...بل خلقت أقلامنا لطرح العديد من المشكلات وخط خطوط عريضة ليتم طرح المزيد من الحلول من شتى الأقلام لقضية بعينها والاجتماع على انسب الحلول رغم اختلاف الأفكار ولكنها تهدف إلى قول واحد.

يعد القلم سلاحنا...ولكن سلاح بدون ذخيرة يصبح ليس له أدني وجود كجثه هامدة تنتظر نفح الروح ليدب فيها الحركة لتواصل الحياة..وأقلامنا تحتاج إلى مخزون معرفي من خلال ثقافة حقه تنير عقل وتفتح طريق لنهر ينبع ليتم إنبات ثمار يانعة نافعة....نمتلك القلم ولكن ينقصنا ذلك المجهول الذي يسطر بأفكاره ما يحويه عقله من أفكار ليفصح عن هوية قلمه !! نحتاج إلى أقلام تدعوا لتغير ما ألتبس على الأذهان ولإعادة ما تجرد منه بنو هذا الزمان ..أقلام نابضة بالحق وترشد للحقيقة ....


فنحن ..نعانى دوما من اجتماع الأعضاء البشرية وتمثلها في اللسان الذي لا يكل ولا يمل من الكلام ومهدنا الطريق ليتم أصابه أعضاؤنا بالشلل ليبقى اللسان هو إنسان ولكنه يحتاج إلى من يسانده للنهوض وبالتالي نجد من يساند يزيد من الإعاقة أو يساندك للسير عكس اتجاه السهم ....فلم يخلق الله شيء سدى في هذه الدنيا وعندما خلق القلم خط أقدار البشرية بأكملها..
فحقا فلربما قلم يهز كيان أمة بأسرها ولربما أودعها تحت الأرض ...فشتان بين ما يخطه هذا وذاك..موضوع ربما لم استطع جمع شتاته نظراً لعمق ما يسمو به ، فعندما نقول أقلامنا في سطور لا نعنى كل ما نصول به ونجول خلال أوراق بيضاء نرتكب عليها العديد من الجرائم وهى منها براء .. بل من يقبع خلف هذا القلم ويجبر هذه الورقة للانصياع ليخط ما يحلو له بدون وعى هو يدعوا إلى التعلم ولكن مع اختلاف اتجاه السهم وذلك بالسحب السريع إلى عصر الجهل لنجد الهاوية قريباً بأقلام تحفر قبور تحت مسمى نطمح لمزيد من التغير .
فهلا بتغير يخرس الأقلام النابضة بالحق ويفسح الطريق لأقلام تسكن باطن الأرض ولا تدرى ماذا يصير !!...فلا نحتاج قلم يكلف المحبرة عناءاً كبير ليدعوا إلى كلام يصيب بعقم قريب لكل من لديه نبته فكر رشيد .. فأقلامنا دوما في سطور.....سلاحنا ....نعززها بحبر المعرفة...لنخط سطوراً تجد لها معبراً لعقول ربما تشعل فيها شيء يدفعها لتغير الأوضاع .

______________________________
تم تحديث تاريخ الموضوع مع بعض التعديلات.

الغزو الثقافي يمتد في فراغنا


إن الحق كى يستديم وجوده ويحمى ذاته لابدّ له من قوتين : إحداهما عقلية تبسط حجته وتنفى عنه تهمة الشراسة والعدوان ، والأخرى مادية ترد الهجوم وتؤدب الذين يعيشون على القضم والهضم .. لا يكفى أن يكون الحق وسيماً يستحق الإعجاب ، ينبغى ان يكون كذلك له دارعاً يتحمل العراك وينجو من غوائل الخاطفين والقاطعين !! " (من القطوف البليغة بالكتاب)"


من خلال موضوع " أمة وارثة أم موروثة؟" يتحدث الشيخ الغزالى قائلاً:
مع الخلل الكبير الذي أصاب سياسة الحكم والمال عندنا .. ومع غلبة التقاليد القبلية والبدوية على رقعة رحبة من المجتمع الإسلامي.. ومع الفجوة التي حدثت بين علوم الكلام والفقه من ناحية وعلوم التربية والسلوك من ناحية أخرى وظهور الطرق الصوفية الجاهلية.. ومع استخفاء قضايا حيوية مهمة وبروز قضايا تافهة .. ومع ضعف المستويين الفكري والاجتماعي لدى أعداد من المتحدثين الإسلاميين .
مع هذا ، وغيره من الأسباب أخذت أمتنا تتراجع أمام خصومها ، وتترنح تحت ضربات موجعة وظهر عجزها عن تبليغ رسالتها بعد عجزها عن صنع رغيفها الذي تأكله !!


تحميل الكتاب

وفى موضوع " الاسلام دين المفكرين " يوجه الشيخ محمد الغزالى علامة استفهام بحاجه الى إجابه.. قائلاً:
أريد أن أسأل أناس من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا وينتمون إلى تراثنا ، شاء الله أن يعرفوا اللغات الأخرى ويقتبسوا منهما ويترجموا ..أريد أن أسألهم ماذا أفدتم من هذه المقدرة ؟ وماذا أفادت أمتكم منكم ؟ .. هل استصحبتم دينكم وتاريخكم وأنتم تطالعون الثقافات الأجنبية ؟ هل استوقفكم صديق يحب العدالة أو استشاركم خصم يكره الشرق ويزدرى العرب ، وينال من الإسلام ؟
إنكم لم تترجموا العلوم ، وكنا أفقر إليها من الروايات الغرامية والجنائية التي زحمتم بها لغتنا وشغلتم بها أولادنا ..ونقلتم أكاذيب المستشرقين ومفتريات الناقمين على الإسلام وحضارته وتاريخه المديد ، دون رد ذكى أو عادل ، بل وأحياناً مع الرضا فكيف ساغ لكم هذا ؟
في الحضارة الغربية عباقرة كثيرون عرفوا الإسلام فضله وقدروا له ما أسدى للعلم وللعالم ، أما كان حقاً عليكم أن تعرفوا وتشيدوا بصدقهم وتقدروا شجاعتهم بين قومهم ؟ .. أعتقد أن السكوت هنا لون من الغدر ، بل هو خدمة لكل القوى المعادية للإسلام ..

أوراق من العمــــــر





وداعاً للماضي وأهلا بالمستقبل ..في يوم من الأيام ستمر حياتك أمام عينيك فاجعلها تستحق النظر إليها ..
في البداية .. لنتفق على أن بعض الإجابات لعلامات الاستفهام تعد إيهانه لتلك العلامة وربما تخدش كرامتها وتنال من هيبتها !!
وفى وقت أشبه بفترة النقاهة من جراحه .. يفتر الجسد على الاستطراد في الحديث وفى بعض الأحيان العجز الكامل عن كتابه سطر واحد .. ومن خلال نظرة عابرة على أوراق من الماضي نجد دموع الحاضر تنهمر كينبوع إيقاعي النحيب !!



مع مرور سنوات العمر .. أفكر جدياً في عرض نفسي على طبيب نفسي على الرغم من العداء القائم بيني وبين كل من يمت بصلة للطب ومجالاته المختلفة خصيصا القلب فلى معهم باع طويل !!
وسبب التفكير هو إن لي أصدقاء .. أحدثهم ويحدثونني .. وأعجب بهم واقف موقف العجب منهم .. ولكن لا يراهم أحد غيري !! فهل لديك تفسير لتلك الحالة ؟!
تمهل !! لا تسيء الظن بعقلي .. فإنهم أصدقائي في الخيال الذين تعرفت عليهم من خلال الكتب ، أولئك الذين تَعلمت من تجاربهم التي تسكن بين السطور .
سواء كانت سطور تحكيهم أو يَحكون بها ما يقصونه مما تعلموه من جامعه الحياة ، فالتمس لي بعض العذر على تلك الهواية الغريبة .. فحين يعز الأصدقاء الحقيقيون أو تباعد بيننا وبينهم الحياة أو المسافات فلا بأس من التماس السلوى مع أصدقاء الخيال !! ويبقى السؤال عن الأصدقاء الحقيقيون ؟



خلال مرحلة ما قبل المدرسة ..تعهدنى شيخ جليل رحمه الله ومن بعده ابنته بحفظ سور القرآن الكريم .. وتعلم القراءة والكتابة كما هو معروف باسم الكتَّاب ..وتلك المرحلة تعد أفضل لبنه وضعت في حجر الأساس لتلك الشخصية حيث تم التعليم حول مأدبة القرآن ..بالإضافة إلى القراءة والحفظ والكتابة والواجب.. وكان هناك عقاب وثواب وحضور وانصراف .. أشبه بالحضانة مع فارق الخلو من الغزو الأجنبي..فتم شق طريق اللغة العربية وتشكيل مفرداتها بالإضافة لتعلم النطق ..وتم البناء من خلال سنوات الدراسة باختلاف غزوها على تلك اللبنة الأساس في بناء التكوين ..وبغض النظر عن الحضانة.. كان الأفضلية لذلك الطريق .. فمع بعض المقارنة .. نجد في الوقت الحالي الطفل ينشأ على مسلسلات الكارتون وما يتم بناءه من A أبل تفاحه ..إلى أن نصل إلى التربة وجذورها فذلك الخط العكسي الذي نسلكه .. فالأصل البدء من التربة التي تخرج التفاحة !!



في المرحلة الابتدائية تم تمهيد طريق معرفتي بالمكتبة من خلال حصة المكتبة التي من اختصاص مدرسة اللغة العربية بإفراد حصة أسبوعية للمكتبة بخلاف حرية الذهاب في الفسحة .. وفى تلك المرحلة كانت الكتب المتاحة لمن في أعمارنا المكتبة الخضراء " شبه الكارتون المرئي الحالي و كل الكتب تمت بصلة للون الأخضر ربما لأنها تنمى موهبة التخيل "
وبصراحة شديدة كنت لا أحبذ تلك القصص الخضراء ولكنها جعلتني أحب كل ما هو أخضر مزروع .. وخلال مراحل التقدم العمري والدراسة بدأت أتمرد على تلك الخضراء بالذهاب إلى غيرها من المتاح لنا ..وكنت أتعثر في الفهم ومعاني الكلمات و كنت اتخذ من مدرسة اللغة العربية مرشداً لإزالة غموض الكلمات وتوطدت علاقتي بكل من قام بتدريس اللغة العربية خلال المراحل المختلفة نظراً لذلك السبب.. وعندما بدأ موضوع التعبير يعرف طريقه إلى الكراسات وإنشاء كراسه مخصوصة له اتضحت ثمار المكتبة .. وعند تعارض الحصص مع الآخرين فإنه يتم جعل الحصة للتناقش حول ما تم قراءته سابقا أو يتبرع بعض الطلاب بالتحدث ونقوم بالإنصات ..
ومن هنا مع بداية كل سنه دراسية أصبحت من ضمن من يلقبون بأصدقاء المكتبة ويتم إهداء قلم ليس على الوجه وإنما لإضافة أفكار إلى العقل..والحال الآن .. يعد إيهانه للسؤال ؟



في الصف الثاني الابتدائي .. قامت صديقة تجلس بجواري بالمشاجرة مع زميلة في الفصل .. فقامت الأخيرة بالذهاب لمدرسة اللغة العربية وكانت لتلك المدرسة لها مكانة من التقدير والحب داخلي وكانت المسئولة عن الفصل .. فعندما توجهت الزميلة بالشكوى وهى تصطنع الدموع قامت المدرسة بعصبية شديدة بالدخول إلى الفصل وتوجهت لي وما شعرت إلا بأصابع يدها على وجهي .. ورسم على وجهي علامات ممزوجة من الاستفهام والدهشة ألجمت لساني عن النطق .. فأسرعت الصديقة المجاورة " بأن مش نور اللي ضربتها دى أنا " !! وحدث اللبس نظراً لتشابه الاسم بالإضافة إلى القرب المكاني !! وقامت المدرسة بالاعتذار وإضافة لمسه حنان ..وكان ذلك أول قلم تم منحه لوجهي !! ولا ألوم المدرسة .. ولكن لربما كان القلم من نصيب الغير وامتنع عن الذهاب وسكنه الخوف من تلك الدوائر الإلزامية .. فأين التروي والتأني ؟!



مع بدأ المرحلة الثانوية .. بدأت في الانعزال ليس من أجل معسكر الثانوية العامة .. وإنما كانت تلك السمة في حالة طفولة غير ناضجة وعندما بدأت المرحلة الثانوية أصبحت من السمات الرئيسية لملامح الشخصية الناضجة مما جعل من الدائرة محدودة ولا يتم السماح والولوج في إيطار الدائرة إلا لمن يساهم في الدوران ولا يقوم بالتخريب أو التوقف عن الدوران.. و الكتب في تلك المرحلة اتخذت طابع ديني أكثر من غيرها .. وكانت لي صديقه تشاطرني ذلك الطريق ..
وطرق ذهني خلال تلك الفترة وراثة الإسلام رغم مرور مرحلة الإنبات واللبنة الأولى في التكوين ولكن ..حاولنا القفز سريعاً لا بالأجساد وإنما بالأرواح على علم يوازى مرحلة النضج ..وكنت على يقين أن الفطر السليمة تستطيع أن ترى النور ولو في عمق المحيط..وكان لابد من طرق باب التفسير والتعرف على مناقب الشخصيات المشهود لها.. والتزود من الكتب التي تساهم في الإيضاح والتقويم .. والتطرق لكتب الزهد والرقائق .. وخلال تلك المرحلة لم يصمت بركان الأسئلة .. وعلى الرغم من الأمواج العاتية كان الحق جلي متزن .. وبدأ التشكيل بعيدا عن الأمواج وإنما على الحق الذي لا يتجادل فيه من ولد على الفطرة..وكانت تلك المرحلة لبنه أقوى من سابقتها ولكن يجتمعان في نقطه الالتقاء فالأولى قلبت التربة وقامت بالتنقية وتمهيد الطريق والثانية قامت بالزراعة والتسميد ..!! فالسؤال لما يتم التشويش والخوف من الطريق ؟ّ!



من أكثر الصفات مضايقة لمن يحفظ عينه ببرواز من الزجاج أن يتم اتهامه بأنه "موس " وخصوصاً عندما يمتلك بعض المقاومات للفوز بذلك اللقب بجدارة بين الرفاق .. ومن الطريف أن يتم إطلاق صفة الدكتور كذلك.. ولا أدرى لماذا ربما لان الموس سيتحول إلى دكتور ؟ ولكن اختلفت الموازين حينما تم إغماض العين وتوقف الموس عن المذاكرة في منتصف الصف الثاني الثانوي !! ولم يرى الحروف إلا على أعتاب الامتحان!! ومن هنا ولدت حاله من العصيان على ذلك البرواز!! ولكن هل يدرى من يطلق صفه الموس انه يصدأ أو تثلم حدته .. وهل ذلك ينطبق على العقول التي تتصف بالديناميكية ؟!



حرصت دوماً على قراءة تجارب الآخــرين .. والتطرق إلى الاجتماعيات .. لمعرفة أسباب هجوم ذلك السوس الذي ينهش ويلتهم بدن المجتمع وخصوصاً على المستوى الأسرى، لم يكن ذلك من أجل البكاء على ذلك الجسد العليل .. وإنما لمعرفة تلك الثقوب ومحاولة سدها في تلك الشخصية .. فالحياة تعطينا الدروس ولكن القليل من يمتلك العيون والعقول..فالغبي من يسير على خطوط السابقين رغم احتضارها..وإذا كان القلب تلك المضغة التي تُقوم حال البدن فالعقل يترجم ويبعث بالرسائل .. وكل شيء قابل للتمرين والتدريب !! وهنا التحقت بمدرسة الأدب الاعترافى على يد الأستاذ عبد الوهاب مطاوع – رحمه الله - ومازال التحصيل .. والسؤال لما نغمض الأعين عن قراءة من حولنا ونقع في الحفرة على الرغم من وجود العيون وفى الأخير نتهم الأقدار ؟!



لم تربطني علاقة قويه بالرياضيات .. إلا من أجل الامتحانات ..لذا لم أفكر في الالتحاق بأي شيء له صلة بتلك الأرقام حتى لا اتهم الظروف والأقدار والعيب يكمن في شخصي .. وعلى الرغم من التحاقي بكلية القانون " الحقوق"( ولا أدرى ما هي تلك الحقوق فالأفضل القانون .. فالحقوق مكتسبه والقانون يهضمها وربما يعيد تشكيلها وكلاً حسب موسمه السنوي !! )
ولكن الحسنه التي يتم احتسابها في تلك المرحلة هي دراسة الشريعة الإسلامية من خلال الفرق المختلفة ابتداء بالفقه وإحكام الزواج والطلاق والميراث والوصية والوقف وبعض النظريات"العقد والحسبة وغيرها .. ولكن هنا وقفه !!
في الفرقة الثالثة تُدرس أحكام الميراث والوصية وخلال المحاضرات المتوالية تعالت الأصوات بإعلان حالات من التخلف "الرسوب" فالمادة ثقيلة للغاية بالإضافة إلى شبح القضايا الذي يفرض في الامتحان .. وبدأ البعض شطب المادة من جدول المحاضرات والبعض بالجلوس لمجرد تواجده بالمكان والآخرين للإنصات .. ورغم ذلك كان العدد كبير ولكن الفهم ومحاولة التقسيم في وجود هيبة القضايا قليل !! على الرغم من أفضليه تلك المحاضرة والمحاضر !!
والسؤال .. لما يحدث ذلك على الرغم من وجود الأحكام في سورة من القرآن ..؟!



شيء مضحك حد البكاء .. أن يقوم دكتور الشريعة الإسلامية بإعلان عدم دخوله المحاضرات إلا إذا تم الفصل التام بين الكوكتيل المختلط .. وهنا تبدأ حالات من الاستعداد لخوض حرب للخروج من باب المدرج وتبدأ الحشائش في الابتعاد ويخيب مخططها في التشويش على الأشجار والنخيل .. والإجابة على ذلك السؤال يفتح سيلاً من الايهانه لتلك العلامة ؟



من المواد التي عكرت صفو علاقتي بتلك الكلية القانون الدولي العام .. وخصوصا عندما كانت الدراسة بخصوص المعاهدات الدولية وأعالي البحار .. فكان عالم البحار من ابغض التقسيمات للفرقة نظراً لصعوبته وربما لضعف شرح المحاضر ..فكانت المعاهدات خير عوض في محاولة ترميم ذلك التصدع .. فقمت بمحاولة تلخيص تلك المعاهدات تلخيص ذاتي بعيداً عن التيك اواى إلى يتم صنعه خارج أسوار الكلية .. وعندما انتهيت كنت قد ألممت بأجزاء ذلك القسم وعن وعى تام واحتفظ بالتلخيص لحين موعد الامتحان ليتم المراجعة السريعة .. ومن باب التعاون أخذت الدائرة الخاصة المحيطة من الصديقات ذلك التلخيص .. وفى يوم الامتحان كان التجمع وتعالت الدعوات فكان التلخيص وافى لما جاء بالامتحان والجميع توقع لي تقدير لا يقل عن جيد .. ولكن تثقل تلك المادة كاهلي للعام التالي ويحالف النجاح الغير !! فكان ذلك العجب العجاب !! وعلمت أن تلك الكلية لا أمان ولا أمانه لها !! وتظل الايهانه لتلك العلامة .. ؟ أن التحصيل له حسابات أخرى خصوصا فى جامعه العمالقة !!



يتم المدح على ذلك الخط الذي يملا دفاتري وكان من الطريف جدا .. خلال الامتحانات خصوصا في المراحل الاولى .. عندما يقوم المراقبون باللجنه بمهمة مراجعه البيانات والإمضاء ..باعلان تلك الحقيقية وتبدأ الأسئلة" في سؤال مش عارفه إجابته " وهنا علمت أن التعليم لا يحكمه المذاكرة وإنما للغش طرق أخرى !!



وتتزايد الاسئلة مع أوراق العمر


قــــــريباً






لحظة وداع سابقة ... ولحظة ميــــــلاد قــــادمة ...

ونــــور فجراً ولـــيد .. يخرج من رحم اللـــــيل الكحيل ..




الشَّباب الحّائــــر




نحن في حاجة إلى وقفة عاقلة مع شبابنا .. إننا كثيراً ما نظلمهم في مواقفنا وأحكامنا .
إننا نتهمهم بالتهور والاندفاع .. وليس هناك شباب بلا تهور لان الشباب هو سن الاندفاع .
إن الشباب هو الفترة التي تتمثل فيها خصوبة الإنسان بأكمل جوانبها ، إبتداء بالجسم وانتهاء بالوجدان
فالشباب هو الحب الطائش .. والاحساس المتدفق .. والقلوب المتمردة.
ولكننا نريد أن يعيش الشباب كما نحب .. رغم إننا عشنا شبابنا كما أرادنا.
نريد أن نحرمهم من أشياء كثيرة لم نحرم أنفسنا منها حينما كنا فى اعمارهم ..إنهم يحلمون .. ونحن يوماً مثلهم حلمنا .. ولكننا لا نريد لشبابنا أن يحلم .
الشباب يتمنى لو تجاوز حدود عصرنا وزماننا.. ولكننا نريد من الشباب أن يظل واقفاً في مكانه مثلنا..ولو سبقنا الزمن وهربت منا الأيام .
الشباب يريد حقه اليوم .. ونحن نقول له إن حقك سيكون غداً .. وهذا الغد لا يجيء.
الشباب يريد أن يبنى نفسه .. ونحن نقول له إنك متسرع ومندفع ومجنون ..
وعليك أن تعيش كل الخطوات التي عاشها من جاءوا قبلك .
الشباب يريد عالماً من الطهارة والتجرد والنقاء .. ونحن نريد له أن يعيش كما عشنا .. في صناديق القمامة.


وبعد ذلك كله نلوم الشباب ونتهمهم بالضحالة والقصور والتطرف !!


تركنا شبابنا زماناً طويلاً فريسة لمسلسلات التليفزيون الهابطة التي سطحت عقله .. وهبطت وجدانه
تركنا الشباب " لمافيا " الاغانى الهابطة والمذاكرات السياسية التي أفسدت ضميره وشوهت عقله وتركته حائراً بين الكذب والضلال .. والبطولات المزيفة للأدعياء والأفاقين .
تركناه حائراً أمام القدوة الغائبة وأمام نماذج إنسانية ضعيفة ..
تركناه يترنح أمام نظام تعليمي متخلف .. ومناهج دراسية تشجع البلاهة .
تركناه يضيع أمام أباء لا وقت لديهم للأبناء ..وأمهات حائرات في النوادي أو ضائعات أمام طوابير الجمعية .
تركناه وهاجرنا بحثاً عن المال في بلاد الله .. وعندما رجعنا بالمال .. لم نجد الأبناء .
وسقط شبابنا في الحيرة واليأس والمخدرات .. وانقسموا أمام الحياة ومطالبها..
فمنهم القادر جلس في النادي يشم الهيروين .. ومنهم المسكين لا يجد بيتاً ولا حلماً
فهرب من ضيق الدنيا إلى التطرف .

وبعد كل ذلك نلوم الشباب !!


إن الأرض الفاسدة لن تعطى أبداً ثماراً جيدة .. والثمرة الرديئة لن تكون أبداً إنساناً متوازناً .
فنحن الذين غرسنا البذور قبل أن نتخلص من ملوحة الأرض وأمراضها ..
ونحن الذين صنعنا المجتمع الذي لا يمكن أن ينجب إنساناً متوازناً ..
وبعد هذا جلسنا ننعى حظ أبنائنا ونقول إنها مشكلة الأجيال الجديدة ..
ولكن لم نسأل أنفسنا بصدق على من تقع المسئولية ..


حينما نناقش قضايا الإدمان يجب أن نناقش قضايا الأسرة ، وهذا الصرح العظيم الذي تساقط أمامنا مع إغراءات المال وتكاليف الحياة والأب الغائب والأم المهاجرة والأبناء الضائعين.
حينما نناقش قضايا التطرف لابد أن نناقش قضايا الحلم الخاسر والقدوة الغائبة وغربة الإنسان في وطنه .
حينما نناقش قضايا التخلف العقلي والفكري لابد أن نناقش قضية التعليم والثقافة والإعلام وكيف تركت أثارها على عقول شبابنا ..
حينما نناقش قضايا السلبية واللامبالاة والانتماء الغائب لابد أن نناقش قضية الحقوق والواجبات .. وحق الوطن والمواطن .


بعد هذا .. يمكن أن نسأل أنفسنا بأمانه .. ضياع الشباب مسئولية من .. ؟!




من كتاب عمر من ورق
مع الحذف والاضافة

ألوان مبهجة للموت




اللون الأبيض لون جميل ننشده .. والأخضر لون عزيز نأمله ..والأحمر لون الحياة وإعلانها ..والأسود لون غروب الحياة وأنت تنظر إلي غروبك !!

****

الحياة .. حروف ولكن بطول السطور .. لديها أبواب.. ترسل إليك مع بزوغ الفجر بريد ممهور بحبرها السري ، لتجده بقرب وسادتك لتخبرك باستضافة لبضعة أيام في إحدى الأبواب .. وكلما أصبحت من الأصدقاء المقربين كلما إزداد البريد فربما تشتاق إليك جميع الأبواب فتجد حالة من الهذيان لا تستطيع معها تلبية النداء.. ومهما حاولت الافتعال والاستنجاد بشماعة الظروف.. فليس هناك مفر.. والغريب أن البريد يعرف طريقه إليك مهما تغير العنوان ..إذاً الحل الوحيد هو رحيل الساكن !!

****

أقسى حقيقة هي التي تفصح لك عن قبولك في الأقطاب السالبة وتم رفضك على ممر الأزمان في الأقطاب الموجبة ..
وأخف الحقائق وطأً أن تعترف بفشلك حينما يشيع الآخرين جثمان نجاحك المبهر !!
فالنجاح كلمة يسيرة الحروف لذيذة النكهة .. ولكـــــن .. عند الفشل يتناسى بنو أدميتك ما شيعوه وتجد السواد أصبح ذكرى لك !!

****

عند الغوص في بحر القراءة متسلحة بالعقل والقلم من شده الأمواج المتلاطمة التي في بعض الأوقات تشعرني بغرق محدق .. وعند محاولة تشخيص الحالة أجد الحقيقة المموجة بأني أعانى من حاله إفلاس عقلي والأدهى والآمر اكتشف انه ليس عقلاً ربما قطعه من الصفيح علاها الصدأ ..وسريعا ما أعنف النفس على ذلك الاتهام واهب مسرعة لإثبات دليل الآدمية بما لدى من أوراق لبنى الإنسان .. ولكن للأسف ترمقني النفس بنظرات الهزيمة لتعلن الإفلاس.. وامتلاك قطعه حديد على الرغم من أسعاره الملتهبة ولكنه يظل يصدأ.. فتلك المعاناة التي تنصهر دوماً عندما اقرأ لكل من يحاول التعليم ولكن بطريقه فين ودنك؟!

****

قد يكون القتل لذيذ ومشروع ..وبلا عقاب ..ولما الاستغراب ..فهو مشاهد بملء الأعين .. ولكن ما يتم إباحته هو قتل الأقلام الجارحة والتي تسلك طريق الدماء وتحاول العبث والتخريب وهنا تتم البراءة ولن تكون بحاجه إلى إثبات توافر شروط الدفاع عن القلم !!

****

اعلم أن موتى قريب !! فالأشجار يتم وأدها والأوراق تجهض أرواحها ..والنداء ضعيف ..والهواء كثيف ولكن هل من أكسجين !!

****

لما غادر الإنسان عالم الكهوف ؟! ورحل إلى عالم جديد يختلف كليةً عن تلك الأحجار وقام بالتشييد والاختراع والتفجير .. ولكن رغم ذلك يعود إلى نظرية الكهوف ...فالضجيج لا يخرسه إلا أحجار الكهوف التي يسكنها الهدوء .. وبعد حالة الصفاء والتصالح الذاتي نعاود الكره إلى تلك المطارق لتعاود الطرق !!

****

بين المرض و المقاومة دقائق من العذاب والألم الشديد .. كلما أعلنت حالة من الهدوء والراحة التامة.. كلما أيقظني ذلك العقل للتنفس عبر الأفكار .. فإلى متى ستظل تلك العقول تؤرقنا؟!

****

التأمل كلمة ولكنها قاموس يحوى الحياة .. وكلما أزهرت أثمرت حالة من الروحانية .. ولكن عندما تحاول التأمل فتجد المدن في باطنها بركان يعلن الانطلاق فذلك التأمل المميت !!

علامـــة استفهام



في ظل التقدم الصاروخي والحداثة المتوهجة نجد أنفسنا نقف على مفترق الطرق فنجد العديد من علامات الاستفهام تطرق عقولنا .. وللأسف ... وفي ظل عصر المعلومات التي أحياناً نجهل هويتها ومصدقتيها نقف مكتوفي الأيــدي ، مذبذبين ننحدر إلى اليسار أحياناً ويجذبنا اليمين تارة .. ونظل هكذا بين الأمواج العاتية تلهو بنا كيفما تشاء وفى أي اتجاه ، وأحياناً نهيم مع التائهين هرباً من الواقع الأليم ..
فالعيون قد أصابها العمى والقلوب أصابها الصمم فلا نستطيع الرؤية ولا الاستماع نظراً لكثرة من هو عليل اللسان متسلط علينا بنفاقه اللعين ...

وحينما نتحدث عن المجتمع نشير إلى خليته الأولى وهــــــــــــــنا
وقفه
ترسم علامة استفهام للسؤال عن أطراف الاتهام المسئولان سوياً عن ذلك الكيان !!

ريشة الأحلام






حلماً ظللت أنسجة كلما رأيت ريشة تطير في الهواء ..أظل أترقبها واختلس النظرات إليها إلى أن تهبط إلى الأرض في هدوء تام..فأهب إليها مسرعة خوفاً من معاودة طيرانها... وعند الاقتراب أدونوا منها واهمس لها ... هل تريدين تبادل الأدوار لبعض الوقت ؟! فأنتِ تسللتِ رويداً إلى الأرض .. وأنا أريد الطيران خلسة لبعض الدقائق.. وهى معادلة يرتضيها بني البشر وربما يتم تطبيق ذلك القانون لدى عالم الطيران .. ولكن تستقبل همسي بصمتها المطبق وأنفاسها اللاهثة ، وتعاود بعد تفكير فتهمس لي .. وهل ستعودين ؟!

وهنا يتم تبادل التعبيرات ..فتسكني علامة الاستفهام وأحاول إلجام ذلك اللسان خوفاً من انطلاق إجابة تَحول بين انتعال الأدوار.. ولكن ماذا أفعل في مرآة عيني الفاضحة بما أكنة داخلي .. لا أعود !!

ولكن تمهلي يا سيدتي فلا ترحلي .. فإنني أحمل مبرراتِ .. فمنذ زمن وأنا من ساكني الأرض، ولكن لم أزيد عليها وإنما زِدت عليها .. وعلمت منذ وقت قريب أنه لا مكان لي عليها.. ولا أخفى عليكِ .. حلمت منذ الصغر أن أطير بعيداً ولكن أين المتجه ذلك سؤال؟ ولكن الإجابة التي أعلمها إني أريد عالمي .. فهل سنتبادل الأدوار !!

فنظرت إلىّ نظرة حانية برقت على أثرها عينها بالدموع .. ولما تريدين البحث .. فقد خلقنا الله خلقاً كثير.. عوالم وكلاً له قانونه الخاص ولكن دائرته العامة فطرتنا ..فلما يا صغيرتي أليس ذلك العالم الذي ولدتِ فيه !!

فغادرت إلى عالم الصمت لدقائق ..وعدت بعلامة استفهام .. أترين أن ذلك هو العالم الذي ولدت فيه حقاً ؟
عالم .. حياته جافه التكوين متحجرة الملامح ضنت علينا بكل ما فيها وامتزج معها من يعيشون فيها،
عالم .. حياته..طغت فيها الماديات واندثرت المعنويات وأصبحت كقطعه جليد لا يؤثر فيها حرارة الدنيا الصارخة ولا حتى حرارة الصيف المحرقة.. إلى أن أصبحنا كالحجارة نرتطم بكل من حولنا نتفتت بعض الشيء ونتماسك ربما لدقائق وسريعا ما ننهار نظرا لعدم وجود قطره ماء تعيد التكوين وترمم تصدعات الدنيا المتحجرة التي تصيبنا بالشروخ وتصدعنا بكل ما فيها...
ونجد في النهاية حياه بلا حياه...هواء يجبرنا على التنفس لمجرد العيش في ذلك السجن المنقطع عنه كل سبل الحياة ..
أذلك العالم الذي تتحدثين عنه..!!
عالم أصبح فيه البشر متلونون كألوان شم النسيم الماجن .. واحتفالات الربيع الباكية على أزهارها التي يتم تداولها بالعملات .. عالم تختفي فيه العصافير خوفاً .. لتسود الغربان بهتاناً وزوراً !!
عالم أصبحت فيه الأشجار غريبة ، ولم يعد يعترف إلا بالحشائش والأشجار قصيرة القامة .. عالم أصبحت نساءه عارضات أزياء ورجالة يمضغون العلكة !!
عالم وأد فيه الصدق خوفاً من موته بسبب الركود والهجر .. عالم تختلف فيه معالم الإنسان ويتم تنميقها لجذب الأنظار ..عالم عرف صناعة الأقنعة وكيفية ارتدائها ..عالم أصبحت تتحكم فيه الغرائز الدنيوية .. عالم دب فيه الوهن بالابتعاد عن الطريق الصحيح ..
فهل تقصدين ذلك العالم ... !!

فقالت : يا صغيرتي .. لا يعنى ذلك.. أن الحياة تم قتلها بماس كهربائي واحترقت الأنوار داخلها.. فلكل منا واعظاً داخلة ربما تخمده زهو الحياة لكن سيعود الزهد فيها وهنا يصلح نظام المعادلة وتكون النتيجة مختلفة ..فاقبضي يدك على الحقائق وشيدي عالمك الحق الذي طمس معالمه الجهال .. فالرحيل لا يعنى عالم جديد..فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع تكيف نفسه رغم اختلاف الأوضاع.. فاقبضي على الحق وما تنشديه وعضي عليه بأناملك يا صغيرتي..

فقاطعت حديثها وقلت.. اعلم أن الإنسان يمتلك إرادة، ويتميز عن العوالم التي تشاطره الحياة، وقدرته على التكيف واختلافة عن الديناصورات رغم حجمها الهائل انقرضت لعدم تكيفها .. ولكن ..

قالت .. احذفي لكن.. فإنها تفتح لكِ أبواب الرحيل .. أتعلمين يا صغيرتي إني أنشد فيك الخير .. وسأفصح لكِ سر هبوطي إلى الأرض لتلك الدقائق .. فمنذ زمن قريب أتعهدك بالمراقبة .. وعند النظر إليكِ ، أرى لديك أمل يزهر الحياة بأكملها بالياسمين ..وتفاؤل يهدم مدن الأحزان.. وقوة إرادة تعادل الجبال .. وأرى في قلبك حلم جنين ينتظر بزوغ فجرا وليد يسطر شهادة ميلاده... والآن هيا ..فلتعودي فقد هبطت من أجلك يا صديقتي .. وسأظل دوماً أرى فيك الغد المشرق ..

فنظرت إليها بابتسامة مشرقة ..وحلقت هي عاليا بالقرب منى تلوح لي بالسلام .. وظل ذلك السلام إلى الآن ..



مفارقات فكرية






أكثر ما يورقني ويفتح أبواب الإرهاق والركود التام إلىّ .. هو التفكير العميق..
قال هنري فورد التفكير من أكثر الأعمال صعوبة ... لذلك فإن القليلين يقومون به .
بغض النظر عن نوعية التفكير إن كان منظماً أم فوضوي ... فإنه في كلاً يعد وقود ذلك العقل ..وكلما كانت الأفكار معقدة ، و تحاول التفكير بشكل منظم، كلما ازدادت حرارة ذلك العقل ..وهنا لابد من إعلان حالة من الطوارئ تستعيد من خلالها المفقود ..وخلال تلك المرحلة يتم فقد الذاكرة كلياً، والابتعاد عن كل ما ينهر ذلك العقل لحثه على الحركة ..ولكن الحقيقة حالة الإرهاق تحتل الجسد بالكامل وتسيطر على العقل وتجعله في حاله من النوم الممغنط لا يقوى على الترجمة مع إعلان حالة من الرفض التام لكل ما يجعله ينهض خلال تلك الفترة.. فذلك ما اعاني منه .


****

في بعض الأوقات يتم القبض على أفكاري بتهمة الغموض، ومن الغريب لا أستطيع تحرير صحيفة الدفاع، فلربما يتم تقيدها أو اختراع قانون لها .. ولكن على كل حال .. نحن في وقت أصبحت العلانية مفضوحة، والحقيقة محبوسة ، والأفكار تكظم غيظها نظرا لقذفها بالغموض .. فإن العقول أصبحت تهوى السهل ولا مجال للتعقيد أو لأفكار تحتاج إلى تفكير فنحن في زمن التنوير وربما التنويم وذلك ما يجعل الجميع في غيبوبة ويتم اتهام الأفكار ولكن دفاعها الوحيد هو الالتباس بين الميم والراء اللذان هما طعم تلك الأيام !!


****

من التناقضات التي نحيا بها هي .. أحاسيسنا التي تسكننا لبعض الوقت ثم سريعاً ، تجاهر بالرحيل معلنةً جبال من علامات الاستفهام يُشكل انحنائها العديد من الآلام .. فقد نشيد مستقبل مزهراً بالياسمين ونرى من أنفسنا قوه استمدت من سلاسل الجبال العالية التي لا يستطيع تسلقها إلا من هم من أصلابها وهنا نتصادم بطبيعتنا البشرية ..وقد نعمر مدناً من الرمال ونعيش بداخلها ونبدأ في رسم أدوار حياتنا إلى إن يتم الانهيار وننظر إلى تلك الرمال لنتذكر قبورنا .. وقد نتخيل بعضاً من المشاعر التي ينشدها الجميع ويلهث وراءها من سأم الحياة ولكن سريعا ما تُخلف تلك المشاعر طرقاً من الأحزان ربما تتخذ من القلب سكنا وتتخذ من العين منبع ..ولكن تلك التناقضات لا عجب فيها ولا غرو فتلك حقيقة الدنيا !!


****

تربطني علاقة وطيدة بين القلم الرصاص منذ الصغر .. فتلك العلاقة لم يكن قوامها عملية التراجع التي تعيد الصفحة إلى سالف عهدها ناصعة البياض باستخدام الممحاة .. ولكن ربما لأنه يساعدني على إعادة ترتيب الأفكار قبل خطها بذلك الحبر الذي لن استطيع التراجع عنه إلا بقطع الورقة .. لذا فهو يعلمني التأني دوماً قبل نزف ذلك الحبر الذي يعد احد أسرارك ، وقد علمتنى الحياة أن سرك من دمك فيجب أن تنظر أين ُتريقه !!


****

تتعدد الأقلام .. وتتعالى الصيحات ... وبين التعدد والتعالي حالات من الميلاد والوفاة للعديد من الأفكار... وفى الأخير يتم الإلقاء خلف القضبان ... ويظل السؤال لما تطلبون منا في المدرسة أن نسطر موضوع تعبير ، وتحفرون طريق في عقولنا تربته حرية التعبير !! والغريب أن يتم تعليمنا في الصغر ليتم أخرسنا في الكبر !!

****

عذراً ..هل أتى الربيع ؟ ولكن لا أرى أي دليل ، أتقصدون بالربيع ولادة الأزهار وتفتحها على زمان بني الإنسان .. أم تقصدون ربيع الأفكار وإزهار عصر جديد بأريجه الفعال !!


****

عندما أسير في الطريق .. أحاول بين الفينة والفينة أغمض عيني .. ليس لأنني أعانى من تعب في عيني .. ولكن خوفاً عليها من التعب نظراً لتشويش الألوان وامتزاج الأجناس ، فدوماً أشك في عيني ، واتهمها بالعمى ، عندما تجادلني عن نوعيه من يسير ون ! و هل أسير في الطريق أم مدينة الملاهي !!

****

من الفيروسات التي أصيبت بها البشرية منذ القدم ولم يتم اكتشاف مصل لها.. هي محاولة إرضاء الكافة مع بعض بهارات النفاق.. وإعطاء صدارة الترقيم للبشر ....والتغافل عن رب البشرية ...ويظل الفيرس يأكل في الأجساد إلى أن يتم طرحها على الفراش وهنا يبدأ في التذكرة !! فتلك الطبيعة البشرية المتناقضة !!

****