ريشة الأحلام






حلماً ظللت أنسجة كلما رأيت ريشة تطير في الهواء ..أظل أترقبها واختلس النظرات إليها إلى أن تهبط إلى الأرض في هدوء تام..فأهب إليها مسرعة خوفاً من معاودة طيرانها... وعند الاقتراب أدونوا منها واهمس لها ... هل تريدين تبادل الأدوار لبعض الوقت ؟! فأنتِ تسللتِ رويداً إلى الأرض .. وأنا أريد الطيران خلسة لبعض الدقائق.. وهى معادلة يرتضيها بني البشر وربما يتم تطبيق ذلك القانون لدى عالم الطيران .. ولكن تستقبل همسي بصمتها المطبق وأنفاسها اللاهثة ، وتعاود بعد تفكير فتهمس لي .. وهل ستعودين ؟!

وهنا يتم تبادل التعبيرات ..فتسكني علامة الاستفهام وأحاول إلجام ذلك اللسان خوفاً من انطلاق إجابة تَحول بين انتعال الأدوار.. ولكن ماذا أفعل في مرآة عيني الفاضحة بما أكنة داخلي .. لا أعود !!

ولكن تمهلي يا سيدتي فلا ترحلي .. فإنني أحمل مبرراتِ .. فمنذ زمن وأنا من ساكني الأرض، ولكن لم أزيد عليها وإنما زِدت عليها .. وعلمت منذ وقت قريب أنه لا مكان لي عليها.. ولا أخفى عليكِ .. حلمت منذ الصغر أن أطير بعيداً ولكن أين المتجه ذلك سؤال؟ ولكن الإجابة التي أعلمها إني أريد عالمي .. فهل سنتبادل الأدوار !!

فنظرت إلىّ نظرة حانية برقت على أثرها عينها بالدموع .. ولما تريدين البحث .. فقد خلقنا الله خلقاً كثير.. عوالم وكلاً له قانونه الخاص ولكن دائرته العامة فطرتنا ..فلما يا صغيرتي أليس ذلك العالم الذي ولدتِ فيه !!

فغادرت إلى عالم الصمت لدقائق ..وعدت بعلامة استفهام .. أترين أن ذلك هو العالم الذي ولدت فيه حقاً ؟
عالم .. حياته جافه التكوين متحجرة الملامح ضنت علينا بكل ما فيها وامتزج معها من يعيشون فيها،
عالم .. حياته..طغت فيها الماديات واندثرت المعنويات وأصبحت كقطعه جليد لا يؤثر فيها حرارة الدنيا الصارخة ولا حتى حرارة الصيف المحرقة.. إلى أن أصبحنا كالحجارة نرتطم بكل من حولنا نتفتت بعض الشيء ونتماسك ربما لدقائق وسريعا ما ننهار نظرا لعدم وجود قطره ماء تعيد التكوين وترمم تصدعات الدنيا المتحجرة التي تصيبنا بالشروخ وتصدعنا بكل ما فيها...
ونجد في النهاية حياه بلا حياه...هواء يجبرنا على التنفس لمجرد العيش في ذلك السجن المنقطع عنه كل سبل الحياة ..
أذلك العالم الذي تتحدثين عنه..!!
عالم أصبح فيه البشر متلونون كألوان شم النسيم الماجن .. واحتفالات الربيع الباكية على أزهارها التي يتم تداولها بالعملات .. عالم تختفي فيه العصافير خوفاً .. لتسود الغربان بهتاناً وزوراً !!
عالم أصبحت فيه الأشجار غريبة ، ولم يعد يعترف إلا بالحشائش والأشجار قصيرة القامة .. عالم أصبحت نساءه عارضات أزياء ورجالة يمضغون العلكة !!
عالم وأد فيه الصدق خوفاً من موته بسبب الركود والهجر .. عالم تختلف فيه معالم الإنسان ويتم تنميقها لجذب الأنظار ..عالم عرف صناعة الأقنعة وكيفية ارتدائها ..عالم أصبحت تتحكم فيه الغرائز الدنيوية .. عالم دب فيه الوهن بالابتعاد عن الطريق الصحيح ..
فهل تقصدين ذلك العالم ... !!

فقالت : يا صغيرتي .. لا يعنى ذلك.. أن الحياة تم قتلها بماس كهربائي واحترقت الأنوار داخلها.. فلكل منا واعظاً داخلة ربما تخمده زهو الحياة لكن سيعود الزهد فيها وهنا يصلح نظام المعادلة وتكون النتيجة مختلفة ..فاقبضي يدك على الحقائق وشيدي عالمك الحق الذي طمس معالمه الجهال .. فالرحيل لا يعنى عالم جديد..فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع تكيف نفسه رغم اختلاف الأوضاع.. فاقبضي على الحق وما تنشديه وعضي عليه بأناملك يا صغيرتي..

فقاطعت حديثها وقلت.. اعلم أن الإنسان يمتلك إرادة، ويتميز عن العوالم التي تشاطره الحياة، وقدرته على التكيف واختلافة عن الديناصورات رغم حجمها الهائل انقرضت لعدم تكيفها .. ولكن ..

قالت .. احذفي لكن.. فإنها تفتح لكِ أبواب الرحيل .. أتعلمين يا صغيرتي إني أنشد فيك الخير .. وسأفصح لكِ سر هبوطي إلى الأرض لتلك الدقائق .. فمنذ زمن قريب أتعهدك بالمراقبة .. وعند النظر إليكِ ، أرى لديك أمل يزهر الحياة بأكملها بالياسمين ..وتفاؤل يهدم مدن الأحزان.. وقوة إرادة تعادل الجبال .. وأرى في قلبك حلم جنين ينتظر بزوغ فجرا وليد يسطر شهادة ميلاده... والآن هيا ..فلتعودي فقد هبطت من أجلك يا صديقتي .. وسأظل دوماً أرى فيك الغد المشرق ..

فنظرت إليها بابتسامة مشرقة ..وحلقت هي عاليا بالقرب منى تلوح لي بالسلام .. وظل ذلك السلام إلى الآن ..



9 التعليقـــــــــــــــات:

تامر علي يقول...

أحب النهايات السعيدة :) .... المثيرة لعلامات اللانهاية في التأمل .... كل هذه الأفكار تداعت لدى هبوط ريشة إلى الأرض ؟؟؟ عالم كامل نخلقه من حيث يمر على الآخرين بلا أية أفكار :)

تحياتي وتقديري :)

د. ياسر عمر عبد الفتاح يقول...

علي قد ما زعلنا البوست في الأول وكأبنا
علي قد ما فرحنا ونزع مننا إبتسامة في أخره
ربنا يديم علينا جميعاً نظرة الأمل .

إيمان يقول...

رحلة بين الحلم والحقيقة

بين الواقع والخيال

عندما كنت ارى ريشة تسقط لم اتخيل نفسي مكانها ابدا ولكني كنت اسرع للامساك بها لامنعها من الطيرا لعلي كنت اغير منها
تحياتى لقلمك الجميل

سارة احمد يقول...

سلم ايدك يانور...تأمل رائع وخيال مجسد يحس على لاراده والامل...انت تخيلتى حوار مع ريشة وانا تخيلت نفسي مع طير بس يارب يكون اسلوبي راقي زيك كدهhttp://hekyat.blogspot.com/

فارس عبدالفتاح يقول...

المتنقضات الخير والشر المادية والروحية العلم والجهل الصدق والكذب الحقيقة والتصنع البساطة والتكلف

كل هذا داخل النفس البشرية ولكن بني ادم هو من يستطيع ان يجلى مايشاء وينقض ما يشاء

بعقله وضميره اذا احسن استخدامهما

وعودة الى الموضوع الماضي وهو


ولكن تعتقد ان العداء الفكرى يتجاوز لنطاق الشخصيات ؟


فمن خلال التعددية الجواب لا يقبل النفى..

نعم يتعدى الاختلاف في الراى والفكر الى نطاق الشخصية ولهذا يحدث الاغتيالات السياسية والحروب والنزاعات

لان الفكر هو نتاج البشر وما دام البشر هم صانعوا الفكر فهم الاساس وهم المستهدفون او المنتج للفكر الذي يقوم عليه العمل سواء سياسي او اجتماع او اقتصادي او ديني .. الخ

فهو الاساس وهو بيت القصيد ومن يتبع هذا الفكر ومن يناصر هذا الفكر ومن يدعم هذا الفكر ومن يروج لهذا الفكر .. الخ

قلم رصاص يقول...

أسلوب رائع جدا

والفكرة عميقة للغاية

بارك الله في قلمك الرشيق

في حفظ الله

صدى الصمت - عاشقة الورد - يقول...

جميل قوى البوست دة يا نور وفكرة تبادل الأدوار عجبتنى قوى
على فكرة أنا بأحب إسم نور قوى وناويه لو جبت بنت تانية إن شاء الله أسميها نور
تحياتى

عاشقة الورد

ghorBty يقول...

السلام عليكم

جميل ما كتبتي يا نور

وتسلسل الفكره اعجبني كثيرا

ولكن ما اعجبني اكثر ان النهايه كانت كلها عزيمه وتحدي لمسايره هذا الواقع الذي وصفتيه ادق وصف ...

فالهروب والتحلق بعيدا ليس حل فلو هرب الانقياء واكتفوا بالبعد عن هذا العالم فمن سيقوم بالاصلاح والتغيير ..

كثيرا ما نشعر بنفس الشعور وانه لا يوجد مكان لنا في هذا العالم ولكن هذا امر الله وما علينا اٍلا الصبر ويبقي عزءانا الوحيد ان الدنيا ليست بدار قرار ...

جميل ان تطير وتحلق ارواحنا نحو السماء واجسدنا تعمل في الارض اصلاح وتغيير ونشر للخير ...


دمت بكل خير ...

۩ Nour ۩ يقول...

تامر على..
مع التأمل تولد العديد من الافكار قد تطرق عقول ويمر البعض عليها بسلام ..
اشكرك لتعليقك ..ولسطورك..دمت بخير.
__________________________________
د/ ياسر..
نتذوق طعم الفرحه بعد الالم .. وربنا يديم الامل لنا نظرة الامل فى تلك الحياة .. أشكرك لتعليقك..دمت بخير.
__________________________________
إيمان..
هى رحلة من الواقع لتخفيف قسوتة الى عالم الخيال لرؤية امل وتدفق نبض جديد..وعلى فكرة معى ريشة بالفعل..
أشكرك يا ايمان لتعليقك ..ودمتِ بخير دوماً