زاد الطريق





إن أثمن ما نمتلكه أوقاتنا فهي أعمارنا ..
وأجسادنا هي ناقتنا التي نسير بها .. وأرواحنا هي نبض أجسادنا وطاقتنا النورانية ... وقلوبنا تلك المضغة التى بصلاحها يصلح الجسد كله ..

وخلال سيرنا بتلك الأجساد نحتاج إلى زاد يساعدنا على مواصلة تلك الرحلة ...
وخلال الرحلة تجتاحنا أعاصير الحياة وتهب علينا بعض الرياح تعرقل حركة السير ... ونحتاج في لحظات الضعف إلى من نلتحم به لشحذ الهمم ولتصير القوة واحده ...
وتلك القوة تكمن فيما نقرأه من منابع المعرفة لصلاح دنيانا ولتعمير أخرنا ...
ولذلك سنضع سويا بعض من الزاد الذي يعكس اتجاه تلك الرياح لنواصل السير ...من خلال كل ما يعد زاداً من أضاءت للسير على الطريق أو ربت على الأكتاف لمزيد من المساندة .. أو سرداً لتلك الإحداث التي ستعكر صفو مسيرتنا ..

... مع أول الزاد من خلال قرأتنا المختلفة ...


﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾


من الذي يفْزعُ إليه المكروبُ ، ويستغيثُ به المنكوبً ، وتصمدُ إليه الكائناتُ ، وتسألهُ المخلوقاتُ ، وتلهجُ بذكِرِه الألسُنُ وتُؤَلِّهُهُ القلوب ؟ إنه اللهُ لا إله إلاَّ هو.
وحقٌ عليَّ وعليك أن ندعوهُ في الشدةِ والرَّخاءِ والسَّراءِ والضَّراءِ ، ونفزعُ إليه في المُلِمَّاتِ ونتوسّلُ إليه في الكرباتِ وننطرحُ على عتباتِ بابهِ سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مددُهْ ويصِلُ عوْنُه ، ويُسْرعٌ فرجُهُ ويَحُلَّ فتْحُهُ ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ فينجي الغريق ويردُّ الغائب ويعافي المبتلي وينصرُ المظلوم ويهْدِي الضالَّ ويشفي المريض ويفرّجُ عن المكروبِ ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
ولن أسْرُد عليك هنا أدعية إزاحةِ الهمِ والغمِ والحزنِ والكربِ ، ولكن أُحيلُك إلى كُتُبِ السُّنَّةِ لتتعلم شريف الخطابِ معه ؛ فتناجيهِ وتناديهِ وتدعوهُ وترجوه، فإن وجدْتهُ وجدْت كلَّ شيءٍ ، وإن فقدت الإيمان به فقدت كلَّ شيء ، إن دعاءك ربَّك عبادةٌ أخرى ، وطاعةٌ عظمى ثانيةٌ فوق حصولِ المطلوبِ ، وإن عبداً يجيدُ فنَّ الدعاءِ حريٌّ أن لا يهتمَّ ولا يغتمَّ ولا يقلق كل الحبال تتصرّم إلاَّ حبلُه كلُّ الأبوابِ توصدُ إلاَّ بابهُ وهو قريبٌ سميعٌ مجيبٌ ، يجيب المضطرَّ إذا دعاه يأمُرُك- وأنت الفقيرُ الضعيفُ المحتاجُ ، وهو الغنيُّ القويُّ الواحدُ الماجدُ - بأن تدعوه
﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ إذا نزلتْ بك النوازلُ ، وألَمَََََّتْ بك الخطوبُ فالْهجْ بذكرِهِ ، واهتفْ باسمِهِ ، واطلبْ مددهُ واسألْه فتْحهُ ونصْرَهُ ، مرِّغِ الجبين لتقديسِ اسمِهِ ، لتحصل على تاج الحريَّةِ ، وأرغم الأنْف في طين عبوديتِهِ لتحوز وِسام النجاةِ ، مدَّ يديْك ، ارفع كفَّيْكَ ، أطلقْ لسانك ، أكثرْ من طلبِهِ ، بالغْ في سؤالِهِ ، ألحَّ عليه ، الزمْ بابهُ ، انتظرْ لُطْفُه ، ترقبْ فتْحهُ ، أشْدُ باسمِهِ ، أحسنْ ظنَّك فيه ، انقطعْ إليه ، تبتَّلْ إليه تبتيلاً حتى تسعد وتُفْلِحَ .


يــا الله
 



(يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ : إذا اضطرب البحرُ ، وهاج الموجُ ، وهبَّتِ الريحُ ،
نادى أصحابُ السفينةِ : يا الله. 
إذا ضلَّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن الطريقِ ، وحارتِ القافلةُ في السيرِ ، نادوا : يا الله. 
إذا وقعت المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ وجثمتِ الكارثةُ ، نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله. 
إذا أُوصدتِ الأبوابُ أمام الطالبين ، وأُسدِلتِ الستورُ في وجوهِ السائلين ، صاحوا : يا الله . 
إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبُلُ وانتهتِ الآمالُ وتقطَّعتِ الحبالُ ، نادوا : يا الله. 
إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ: يا الله. 
إليه يصعدُ الكلِمُ الطيبُ ، والدعاءُ الخالصُ ، والهاتفُ الصَّادقُ ، والدَّمعُ البريءُ ، والتفجُّع الوالِهُ . 
إليه تُمدُّ الأكُفُّ في الأسْحارِ ، والأيادي في الحاجات ، والأعينُ في الملمَّاتِ ، والأسئلةُ في الحوادث. 
باسمهِ تشدو الألسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكرهِ تطمئنُّ القلوبُ وتسكنُ الأرواحُ ، وتهدأُ المشاعر وتبردُ الأعصابُ ، ويثوبُ الرُّشْدُ ، ويستقرُّ اليقينُ، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾ 
الله : أحسنُ الأسماءِ وأجملُ الحروفِ ، وأصدقُ العباراتِ ، وأثمنُ الكلماتِ، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
اللهُ : فإذا الغنى والبقاءُ ، والقوةُ والنُّصرةُ ، والعزُّ والقدرةُ والحِكْمَةُ ، ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ .
الله : فإذا اللطفُ والعنايةُ ، والغوْثُ والمددُ ، والوُدُّ والإحسان ، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ .
الله : ذو الجلالِ والعظمةِ ، والهيبةِ والجبروتِ. 
اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ، وجزاء الحزنِ سروراً ، وعند الخوفِ أمنْاً. اللهم أبردْ لاعِج القلبِ بثلجِ اليقينِ ،
وأطفئْ جمْر الأرواحِ بماءِ الإيمانِ . 
يا ربُّ ، ألق على العيونِ السَّاهرةِ نُعاساً أمنةً منك ، وعلى النفوسِ المضْطربةِ سكينة ، وأثبْها فتحاً قريباً. يا ربُّ اهدِ حيارى البصائرْ إلى نورِكْ ، وضُلاَّل المناهجِ إلى صراطكْ ، والزائغين عن السبيل إلى هداك . 
اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور ، وأزهقْ باطل الضَّمائرِ بفيْلقٍ من الحقِّ ، وردَّ كيد الشيطانِ بمددٍ من جنودِ عوْنِك مُسوِّمين. 
اللهم أذهبْ عنَّا الحزن ، وأزلْ عنا الهمَّ ، واطردْ من نفوسنِا القلق. 
نعوذُ بك من الخوْفِ إلا منْك ، والركونِ إلا إليك ، والتوكلِ إلا عليك ، والسؤالِ إلا منك ، والاستعانِة إلا بك ، أنت وليُّنا ، نعم المولى ونعم النصير. ..آمـــــين

يتبع..

الدعاء من كتاب لا تحزن..د/عائض القرنى

4 التعليقـــــــــــــــات:

د/عرفه يقول...

فعلا الواحد بيشعر براحة كبيرة لما يلجأ لربنا سبحانه
ويدعه ويتقرب ليه
فيارب لا تحرمنا من متعة اللجوء إليك

د. ياسر عمر عبد الفتاح يقول...

كلمات رائعة تستلهم روعتها من شرف المتحدث عنه وجلاله.
فكرة سديدة أن نتحدث عن زاد الأرواح بعد ان شغلتنا أجسادنا , أسأل الله لك السداد والتوفيق.

الدعـــأء

كم في الدعاء من أنسِ جميل
وكم في في السجود من رفعةِ عظيمة
وكم في ذل الطاعة والمناجاة من شرف كريم

وقد قال غيرُ واحدٍ من السلف أنه لا يحمل هم الإجابة (لأنها لله) ولكنه يحمل هم الدعاء(لأنه مهمته)
فمن وفق الدعاء وفق الإجابة

محمد يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أختي العزيزة

الله الله الله

إن جمال الوسيلة يستمد من جمال الغاية والتشبث بالوسيلة يقوي كلما تعمق في النفس روعة ورونق الغاية


إن الدعاء لهو وسيلة يتقرب العبد بها الي ربه فيستمد من عطائه الكثر ليقوي جانبه الضعيف و يقول للآخرين إنني لا أرجو سوي الله فانظروا انتم من ترجون ....... إن التضرع الي الله لهو الأمل والسعادة وأية سعادة في أن تناجي في من تحب ........... أختي بارك الله لك وحفظك ورعاك

خالص مودتي وصادق دعائي

احساس طفلة محبة للرومانسية بس واقعية يقول...

الدعاء

بيريح القلب ويجعل ملامح الرضا تظهر على ملامحنا مهما كان حجم الكرب

الدعاء

يريح التفس الهائمة يجعلها تستقر فقط بنطق كلمة الله والتضرع والخشوع

اسلوبك مريح للنفس اوى يا نور
تقبلى مرورى