نـــسبية الأفــــكار



تتعدد الأفكار .. وتختلف العقول ليس اتساعا وإنما استيعابا ، ونظرا للتعددية والاختلاف تولد العديد من الاراء .. وكما نعلم بصمة الأصابع يوجد أيضاً بصمة للعقل، والفكر ،وللقلم فيما يخط من أراء مخضرمة وأخرى متسلقة ..
فالمعرفة لا وطـــن لها.. ولكن يَكمن مكانها في جهاز تبلور المعرفة القابع في أجسادنا من عقول تطرق وقلوب تنبض ..
ومع الاعتراف الكامل بالفروق الفردية بين أصناف البشر تظهر الفروق في الأفكار .. ولكن يقابل الاعتراف إنكار لتلك الأفكار مما يستدعى إبراز نسبية الأفكار ..


ولكن نضع بعض الخطوط العريضة للتنبيه أن الحديث حول نسبية الأفكار يدور حول المعرفة البشرية بعيداً عن كل ما يمس الأديان ..فكما إن الأعين لا تستطيع اختراق الجدران كذلك العقل ..
فأفكارنا هي ثمرة معرفية متراكمة تنبت داخل تربة العقل البشرى ، تتحدد معالمها من خلال وسائل التعبير المنظمة فلولا تلك الوسائل لأصبحت عقولنا قبوراً لأفكارنا..


وتعد الكتابة من إحدى ابرز الوسائل في التعبير عن المخزون المعرفي.. فهي تعد رسالة عقل إلى عقول ووحي خاطر إلى خواطر ..
فأعمارنا واحدة وكذلك الحياة واحدة .. وأنت وحدك فكرة واحدة... وخيالك واحد...ومهما اتسعت معارفك يوجد من هو اعلم منك حقيقة لا ينكرها إلا من أنساه إياها الزهايمر ..
فتحتاج إلى فكرة تلتحم بفكرتنا لا لتصير فكرتان ولكن لتولد ألاف الأفكار البانية للحائط المعرفي ..لمواجهة أفكار كالخزعبلات ممزوجة بالعديد من الأساطير التي لا يسكنها عقل إلا من خبأه تحت وسادته الناعمة..


فالهدف من إخراج الفكرة من باطن العقل البشرى ليس تنقية للتربة بقدر ما هو قرع للأذهان المستمعة وتقويم للأفكار العائمة على سطح الماء ولا أساس لها تعتمد علية..
ومن خلال المجتمع البشرى الهائل والعلمانية والحداثة وغيرها من الغزو بكلتا أنواعه.. نجد اختلاف في التفكير ونتائجه من أفكار وبعض الأحيان صراخ بالعديد من الأفكار .. ونجد تعصب يفوق الجاهلية.. وإذا تركت أذنيك في ظل عصر الأقلام الصارخة والآراء المتلاطمة كالأمواج العاتية ستجد طائفة يحدثونك وكان عقلك في أذنيك...
فلا تحتاج إلى ألاف الكتب لتقوم اعوجاج الفكرة ولكن تحتاج إلى بعض من العقل النقي يفكر على سجيته...فافتقاد الفطرة في كل شيء أدى بنا إلى العمى برغم تواجد أعين ولكن عين القلوب عميت نظراً لانتكاسة الفطرة التي لا تحتاج إلى صراخ ولا عويل من اجل الاقتناع ببعض الآراء ...
قد يتفق ا لبعض أن مقوله استشر قلبك قد تراجعت في الترتيب نظراً لفقدان عين البصيرة...


وفى ظل نسبية الأفكار... إن لي رأى مقنع واقتنع به على نور" بصيرة"..ولا يعنى ذلك الانفراد بل عليك قبول العديد من الآراء سواء بالاتفاق أو الاختلاف.. فلربما الاختلاف يُولد أفكار يجهلها كلاً من المتفق والمختلف...فتلمع المعادن حينما تنصهر...


فنحن سجناء لأفكارنا " كما قال رالف ايمرسون"... لا نقبل ولا نتقبل إلا أفكارنا بغض على النظر عن القناعة او الصراع الداخلي في تقبل أى فكرة قبل أن تصبح كلمة...وذلك ما قاله ايرا جاسن "( أحذر من أفكارك فقد تتحول إلى كلمات في أي لحظة)"
فليس الحذر هو خوف أن تتناول الألسن قبل الأقلام الأفكار... بل أن تكون على اقتناع تام ولديك مرونة في تقبل الأفكار
المخالفة لمسار أفكارك بدون تسخط ...فلولا الاختلاف لما وجدت العديد من الأفكار المقومة للأنماط الحياتية المختلفة...
فأفكارنا ليست خلاصة كتب فقط ولكن يمتزج بها العديد من المؤثرات المحيطة فلذلك نجد اختلاف ربما فى كلمة واتفاق فى جارتها...
ولكن اعتذر منك حينما تقودنا الأفكار إلى الجدل حول حقيقة ساطعة كالشمس...
فالفكرة بشموليتها هي تعدد الأفكار و الاراء الناتجة عن التفكير والنتيجة هي نسبية الأفكار..



8 التعليقـــــــــــــــات:

Soul.o0o.Whisper يقول...

نور

بجد ربنا يبارك لك يارب
و يفتح عليكى كمان و كمان

"تختلف العقول ليس اتساعا وإنما استيعابا ،"
صح


كل ما الواحد ما بيمشى فى الحياة و بيعامل ناس
أو يقرأ مساحة المعرفة عنده بتزيد
و بياخد خبرات

لكن المشكلة انه ساعات الواحد لما بيبدا يعرف
يحس انه اصبح العالم الذى لا ند له
ولا يقبل الرأى الاخر

و دا طبعا غلط لأن محدش بيوصل للكمال



ياريت فعلا نتقبل الاخر لا فكريا فقط
لكن كفكر و كتصرف و كاسلوب

فعلا هتفرق جامد



تحياتى لقلمك المبدع يا نور الغالية

د/عرفه يقول...

حابب اكون اول تعليق
ما شاء الله اسلوبك قوى جدا ومتميز
المهم موضوعك مهم جدا
اكيد الافكار لازم تتنوع وطبيعى طالما الناس مختلفة يبقى افكارهم كمان مختلفة
لكن الاحلى من ذلك ان تنوع الافكار ده بيتيح فرصة افضل للفهم الصحيح للموضوع
المشكلة فقط تكمن فيمن يظل حبيس افكاره ويرفض تقبل الفكرة الاخرى
الموضوع بصراحة محتاج تعليق اطول من كده
بس انا مستعجل شوية
تقبلى تحياتى ومنتظرين منك المزيد مثل هذا الموضوع المتميز

محمد القبلاوى يقول...

السلام عليكم

بداية أسلوب جميل وقوى فى الكتابه



ثانيا

مش بس الأفكار اللى نسبية

كل حاجه فى الحياه نسبيه

عدا الغيبيات و الموت


" ...فلولا الاختلاف لما وجدت العديد من الأفكار المقومة للأنماط الحياتية المختلفة... "



أكرر اعجابى بالموضوع

محمد يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلم دفق قلمك فلقد تناول ففصل وعبر فأجاد

الأفكار كالنساء كلهن تظن أنها الأجمل

ولا تقبل علي الإطلاق تفوق أخري عليها

الذي لا يقبل الفكر الآخر هو واحد من اثنين لا ثالث لهما

إما أن يكون جاحد منكر يسعي لمنفعة دنيئة فينكر علي الآخرين رغم تيقنه من صدقهم

مثلما فعل أهل مكة مع الرسول الكريم

أو

يكون جاهل مركب لا يدري شيئا وهو لا يدري أنه لا يدري

وهذا أشد الأمرين


قبول الفكر القائم علي التوافق البحثي والحوار المنتهج الصادق

من أبرز دعائم تقدم أي حضارة
وعلامات ازدهارها

والعكس يعني انهيارها مهما كانت قوة المعترض علي الأفكار او القامع لها

ولنا في التاريخ دلالات وعلامات


الفكرة كنسمة الهواء المعطرة لا تمكث إلا قليلا فلذا تحتاج إلي من يغتنهما ويجمع شملها مع أخواتها لتكتمل المنظومة وتعم الفائدة

أما من يتغافل ويتثاقل عن تنسم نسمات الربيع الزاكية

فلا يلومن إلا نفسه إذا ما اختنقت روحه وضاعت الفرصة منه


.......


........

.......

الكثير والكثير قد هيجته كلماتك ولكن يجمل بنا أن نوفي كل ذي حق حقه لذا لزاما
أن نقول بوركت وبورك قلمك

خالص مودتي وصادق دعائي

القدر و انا يقول...

نور
موضوع نسبية الافكار موضوع مهم ومفيد
ياريت كلنا نفكر فيه
فمعظمننا سجناء فعلا لتلك الافكار
ولكن لنحاول دائما الاستماع لما يعجبنا ولا يعجبنامن تلك الافكار
تحياتى لاختياراتك العظيمة

حسن - قوالب بلوجر معربة يقول...

قلم يجري جري السحاب ، و يجود بحكم كالمطر المنهمر.
لك الشكر على هذه التدوينة الجميلة و المفيدة.

غير معرف يقول...

قضية في منتهى الجدلية
لكن من قبلنا انهوا هذا الجدل
بمقولة
ما حدش عاجبة رزقة لكن كل واحد عاجبة عقلة!!!!!!!!!!!!!!

د. ياسر عمر عبد الفتاح يقول...

أنا هنا لأسجل إعجابي وتقديري لسمو ما تكتبين ورفعة ما تقولين وجمال ما تخطين ورعة ما تنثرين

صور وتشبيهات غاية فى الدقة والإبداع.
لغة صافية ووحدة موضوعية.

أختي الكريمة دخولي هنا دائماً ما يأتيني بجديد.

لا فض فوكِ ولا جف يراعك.